فيها في مديح هذا مرة وفي هجاء هذا مرة». ويحكى أنّ الفرزدق حين أنشد هشام بن عبد الملك (١) : [من الوافر]
فبتن بجانبيّ مصرّعات |
|
وبتّ أفضّ أغلاق الختام |
قال هشام : قد أقررت على نفسك فنحدّك. فقال : يا أمير المؤمنين : قد درأ الله الحدّ عنّي. فقال : وأين درأ عنك الحدّ؟ (٢) فتلا قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ). فضحك وتركه. ومنه أيضا ما جاء في الحديث : «كان ابن عباس أعلم الناس بالقرآن. وكان عليّ أعلم بالمهيّمات» (٣) أي دقائق المسائل التي تهيّم الإنسان ، أي تحيّره. ويروى : «بالمهيمنات» أي بالقضايا ، لأنّ القضاة يقومون بها. والمهيمن على الشيء : القائم به. وقد تقدّم ذكره في مادة (ه م ن) فأغنى عن إعادته.
ه ا :
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ)(٤) ها : حرف تنبيه يدخل على اسماء الإشارة نحو : هذا وهذه وهؤلاء. وتدخل على سائر أسماء الإشارة إلا فيما اتّصل منها باللام ، فلا يقال : ها ذلك. وقد يجاء مع الكاف وحدها نحو : ها ذاك. وأنشد لطرفة بن العبد (٥) : [من الطويل]
رأيت بني غبراء لا ينكرونني |
|
ولا أهل ها ذاك الطّراف الممدّد |
وتفصل من أسماء الإشارة بضمائر الرفع المنفصلة نحو : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)(٦). وقد يعاد توكيدا كقوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ)(٧) فها الثانية توكيد للأولى ، وحسن ذلك الفصل وفيه نظر ؛ لأنه لا يؤكّد الحرف إلا بإعادة ما دخل عليه ، أو بإعادة ضميره إلا في ضرورة ، أو يكون حرف جواب. وقد تحذف ألف ها تخفيفا نحو
__________________
(١) الديوان : ٨٣٦ ، من مدحية طويلة.
(٢) درأه : دفعه بشدة.
(٣) النهاية : ٥ / ٢٨٩ ، والحديث لعكرمة. والرواية الثانية مذكورة فيه.
(٤) ٦٦ / آل عمران : ٣ ، وغيرها.
(٥) الديوان : ٤٢. الطراف : البيت من الأدم.
(٦) ١١٩ / آل عمران : ٣.
(٧) ١٠٩ / النساء : ٤.