والجاه : مقلوب من الوجه ، قال الراغب (١) : لكن الوجه يقال في العضو والحظوة. والجاه لا يقال إلا في الحظوة. قوله تعالى : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)(٢) أي ذو جاه ووجاهة. وكذا قوله تعالى : (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)(٣) لأنّ الناس يشتركون في وجاهة الدنيا ، ولا يفوز بوجاهة الآخرة إلا الخلّص كالأنبياء ومن قاربهم في الحظوة. وعن عائشة : «كان لعليّ وجه من الناس حياة فاطمة» رضي الله تعالى عنهم أجمعين (٤) يعني أنّه كان ذا جاه مدّة حياة فاطمة الزّهراء قد فقده بعدها. وكذا والله كان.
وفي الحديث : «وذكر فتنا كوجوه البقر» (٥) يعني متشابهة ، فأذا قصد التّساوي في الأشياء قيل : كوجوه البقر (٦). قيل : أخذوه من قوله تعالى : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا)(٧). وفي حديث أهل البيت : «لا يحبّنا الأحدب الموجّه» (٨) قال أبو العباس : هو صاحب الحدبتين ؛ واحدة من الخلف وأخرى من قدّام. والمعنى : ذو الوجهين. ومنه الحديث الآخر : «ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها» (٩). ويعبّر به عن النّفاق. والكلام الموجّه المحتمل الأمرين فصاعدا. ومنه أنّ رجلا أعور عابه إنسان فقال : جعل الله عينيك سواء. يحتمل أنه يريد : سواء في السلامة أو في العور. فهو دعاء له أو عليه. والتّوجيه في الشعر : الحرف الذي بين ألف التأسيس وحرف الرّويّ.
__________________
(١) المفردات : ٥١٤.
(٢) ٦٩ / الأحزاب : ٣٣.
(٣) ٤٥ / آل عمران : ٣.
(٤) النهاية : ٥ / ١٥٩.
(٥) النهاية : ٥ / ١٥٨.
(٦) ذلك أن وجوه البقر متشابهة بلا خلاف.
(٧) ٧٠ / البقرة : ٢.
(٨) النهاية : ٥ / ١٥٩.
(٩) صحيح البخاري ، أدب : ٥٢.