مَسْجِدٍ)(١) أي أخلصوا وجوهكم في الصلاة لله تعالى. فأراد بالإقامة تحرّي الاستقامة ، وبالوجه التوجّه.
وقال الراغب (٢) : أراد به الجارحة واستعارها ، كقولك : فعلت كذا بيدي. ولما كان الوجه أشرف ما في الإنسان ، وأوّل ما يستقبل به ويستقبلك به غيرك ، استعمل في مستقبل كلّ شيء وفي أشرفه ومبدئه ، فقيل : فلان وجه القوم ، كقولك : رأسهم ، وعينهم ، ووجه النهار : صدره ، كقوله : (وَجْهَ النَّهارِ)(٣) ، بدليل قوله : (آخِرَهُ)(٤) وقال متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا (٥) : [من الكامل]
من كان مسرورا بمقتل مالك |
|
فليأت نسوتنا بوجه نهار (٦) |
قوله : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ)(٧) أي قصدت لعبادتي وتوجّهي. والوجه : المقصد والمذهب. يقال : ذهب فلان في وجه كذا ، أي في ذهب كذا. والجهة والوجهة بمعنى ، وهما المقصد والمذهب. قال تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها)(٨). ومثله قوله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً)(٩). وواجهته : جعلت وجهي تلقاء وجهه.
قوله : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(١٠) أي متعبّداته ، وذلك أنّ ناسا اجتهدوا في أمر القبلة في ليل ، ثم أصبحوا فوجدوا كلّ طائفة صلّت إلى جهة ، فنزلت. قال ابن عرفة : اعلم أنّ الوجوه كلّها له ؛ فأينما وجّه أمة محمد صلىاللهعليهوسلم بتعبّدها فذلك الوجه له. وواجهت فلانا : جعلت وجهك تلقاء وجهه.
__________________
(١) ٢٩ / الأعراف : ٧.
(٢) المفردات : ٥١٤.
(٣) الكلمة ساقطة من س ، وهي من الآية : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ) (٧٢ / آل عمران : ٣).
(٤) اللسان ـ مادة وجه.
(٥) وفي ح : بمقتل نهار.
(٦) ٧٩ / الأنعام : ٦.
(٧) ١٤٨ / البقرة : ٢.
(٨) ٤٨ / المائدة : ٥.
(٩) ١١٥ / البقرة : ٢.