التكثير ، ولصعوبة هذه الوحدة قال تعالى : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)(١). والوحد : المفرد ، ويوصف به غير الباري ، والوحد بمعناه. وأنشد للنابغة (٢) : [من البسيط]
بذي الجليل ، على مستأنس وحد
قال : وأحد مطلقا لا يوصف به غير الباري تعالى. ويقال في المدح : هو نسيج وحده. وفي الذّمّ : عيير وحده ، وجحيش وحده (٣). فإن أريد أقلّ من ذلك في الذّمّ قيل : رجيل وحده. وقولهم : جليس وحده نصب على الحال لأنه في قوّة التّنكير ، إذ المعنى جلس منفردا. وهو من الأسماء اللازمة للإضافة إلى المضمرات. قوله : (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ)(٤) إنّما أتي بأحد هنا دون واحدة لأنّ «أحد» نفي عامّ للمذكّر والمؤنث والجماعة.
قوله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ)(٥) قيل : بأن توحّدوا الله. وقيل : بخصلة واحدة. وهو عظة واحدة ، وهي (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) أي تجتمعون فتذكرون أمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم. ثم ينفرد كلّ منكم فينظر في عاقبة ما قال وما قيل له فيظهر لكم أنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم لم يكن به جنّة (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ)(٦).
و ح ش :
قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(٧) الوحوش : جمع وحش. والوحش خلاف الإنس. والحيوانات التي لا خلطة لها بالإنس ولا أنس لها يقال لها الوحش. والوحش أيضا المكان القفر ؛ قال الراغب (٨) : يقال : لقيته بوحش إصمت ، أي ببلد قفر. فظاهر هذا أنّ بين هذين الاسمين لمكان خال غير معيّن. فظاهر عبارة غيره من أهل اللغة أنّ «وحش»
__________________
(١) ٤٥ / الزمر : ٣٩.
(٢) ديوانه : ٦ ، وصدره فيه :
كأن رحلي ، وقد زال النهار بنا
(٣) التركيب ساقط من س.
(٤) ٣٢ / الأحزاب : ٣٣.
(٥) ٤٦ / سبأ : ٣٤ ، وما بعدها تتمة لها.
(٦) ٣٧ / الصافات : ٣٧.
(٧) ٥ / التكوير : ٨١.
(٨) المفردات : ٥١٥.