بيده. قال بعضهم : وصف الله تعالى نفسه بأنه الوارث من حيث إنّ الأشياء كلّها صائرة إليه. وقد روي أنه ينادي مناد : لمن الملك اليوم؟ فيجاب بأنّه لله الواحد القهار ، كما صرّحت به الآية الكريمة.
وأصل الوراثة انتقال قنية إليك من غيرك ، من غير عقد ولا جار مجرى العقد. ثم تطلق الوراثة والإرث على نفس المال المنتقل عن الميّت ، ويقال لها ميراث وإرث وتراث ، كقوله تعالى : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا)(١) وأصله وراث ، فأبدلت الواو تاء على حدّ إبدالها منها (في تخمة) (٢) وتكأة. والإرث : الأصل ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «اثبتوا على مشاعركم فإنّه على إرث أبيكم» (٣). ومنه قول الشاعر (٤) : [من المتقارب]
فينظر في صحف كالرّبا |
|
ط فيهنّ إرث كتاب محي |
ويتعدّى ورث بنفسه لواحد ، فإذا دخلت عليه الهمزة أكسبته آخر ؛ قال تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)(٥). وقال تعالى : (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ)(٦). ويعبّر بالإرث عن حصول الأشياء بلا تعب. ويقال لكلّ من خوّل شيئا مهنّئا أورث ، وما وصل إليه إرث. قال تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا)(٧). وقيل : إنّ تلك المنازل كانت لقوم من الكفّار ، فأورثها الله الأتقياء لسبق الشّقاوة لأولئك والسّعادة لهؤلاء. وقد ورد في ذلك حديث.
والإرث قد يكون بمعنى البقاء ، ومنه الحديث : «متّعني بسمعي وبصري واجعله الوارث منّي» (٨) أي الباقي. وقال ابن شميل : أي أبقهما معي حتى أموت. ونقل الهرويّ
__________________
(١) ١٩ / الفجر : ٨٩.
(٢) ما بين قوسين ساقط من ح.
(٣) المفردات : ٥١٨ ، وفيه : «... فإنكم».
(٤) المصدر السابق.
(٥) ١٦ / النمل : ٢٧.
(٦) ٥٩ / الشعراء : ٢٦.
(٧) ٦٣ / مريم : ١٩.
(٨) النهاية : ٥ / ١٧٢.