واللّفت والفتل واحد ، ولذلك زعم أنّ أحدهما مقلوب من الآخر كأنه رضي الله عنه نهى عن الاغترار بمن يقرأ القرآن ؛ فربّ قاريء هذه صفته ، وهذا في ذاك الزمان فكيف في زماننا؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم. والخلا ـ بالقصر ـ المرعى.
ل ف ح :
قوله تعالى : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ)(١) أي تضرب وتصيب. يقال : لفحته النار والسّموم ونفحته ، أي أصابته ، إلا أنّ اللفح أشدّ من النّفح ، ولذلك أتي به هنا دون النفح لأنّ المقام مقام تهويل ، وأتى بالنفح هناك تنبيها على أنّهم إذا أصابهم أدنى شيء من ذلك استغاثوا وجأروا ، ومن ثمّ نكرت النفحة للتقليل ، ومنه استعير : نفحته بالسيف ، أي ضربته.
ل ف ظ :
قوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ)(٢) اللفظة لغة الطّرح والإلقاء ؛ يقال : لفظ البحر زبده ، ولفظت الرّحى الدقيق ، أي طرحاهما. وفي اصطلاح أهل اللسان : ما خرج من بين الشفتين حروفا مقطعة ، وهو أعمّ من القول لأنه يطلق على المهمل والموضوع ، والقول لا يطلق إلا على الموضوع ، وهو مصدر لفظ يلفظ ، والقول أعمّ من الكلام لانطلاقه على المفرد والمركب ، وبين الكلام والكلم عموم وخصوص من وجه. وقد بيّنا ذلك في غير هذا.
قال بعضهم : اللفظ بالكلام مستعار من لفظ الشيء من الفم ولفظ الرّحى الدقيق. ويقال للدّيك : لافظة ، لطرحه ما يلتقطه لدجاجه ؛ فهو لافظ. وفائدة قوله تعالى : (مِنْ قَوْلٍ) تنبيهك على أنّ المؤاخذ به إنما هو الموضوعات دون المهملات ، بل أخصّ من ذلك هو الكلام المفيد ، لأن القول يطلق على المفرد والمركب.
__________________
(١) ١٠٤ / المؤمنون : ٢٣.
(٢) ١٨ / ق : ٥٠.