الدنيا إلى القبر وما يتضمّنه من أهواله. والثالث : مفارقته إلى موضع الحشر ودار الجزاء من ثواب وعقاب.
واللّدة من وقت ولادتك كالتّرب ، وشذّ جمعه في لدين (١) ؛ يقال : هذا لدة هذا (٢). واللّدة في الأصل مصدر خصّ بما ذكرته لك. يقال : ولدت ولادة ولدة. وفي حديث رقيقة : «إلا وفيهم الطّيب الطّاهر لداته» (٣) قال الهرويّ : يريد موالده ؛ جعل المصدر اسما ثم جمعه. وقال بعضهم : واللّدة مختصّة بالتّرب. فظاهر هذا أنها اسم لا مصدر. قوله تعالى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ)(٤) قيل : هم أطفال الكفار يكونون خدم أهل الجنّة. وقيل : هم خلق من خلق الجنّة. وهم جمع وليد. والوليد اشتهر استعماله في من قرب عهده بالولادة. قال الراغب (٥) : وإن كان في الأصل يصحّ لمن قرب عهده أو بعد. والوليدة مختصة في عامّة كلامهم بالأمة. قلت : ومنه قول النابغة (٦) : [من البسيط]
ضرب الوليدة بالمسحاة في الثّأد
وفي حديث شريح : «أن رجلا اشترى جارية بشرط أنها مولّدة ، فإذا هي تليدة» (٧). قال القتيبيّ : التليدة : التي ولدت ببلاد العجم وحملت فنشأت ببلاد العرب (٨). والوليدة : التي ولدت في الإسلام. قال ابن شميل : هما واحد ، وهما من ولد عبدك. وأثر شريح يردّه. وقال غيره : سمي المولّد بذلك لأنه يتربّى عندك تربية الأولاد. وفي الإنجيل لعيسى عليهالسلام : «أنا ولّدتك» (٩) بتشديد اللام ، أي ربّيتك. ونقلت عن بعض مشائخي أنّ
__________________
(١) وذكر ابن منظور معها لدات.
(٢) الهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله ، وهما لدان.
(٣) النهاية : ٤ / ٢٥٦ ، وفي الأصل : والطاهر.
(٤) ١٩ / الإنسان : ٧٦.
(٥) المفردات : ٥٣٢.
(٦) عجز من معلقته ، وصدره كما في الديوان : ٤ :
ردّت عليه أقاصيه ولبّده
الثأد : الندى.
(٧) النهاية : ٥ / ٢٢٥ ، وفيه ، «وشرطوا» ، والهروي «وشرط».
(٨) وفي ح : العجم ، وهو سقط قلم.
(٩) النهاية : ٥ / ٢٢٥.