و ل د :
قوله تعالى : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ)(١) قيل : الوالد آدم عليهالسلام ، وما ولد ولده. وجمهور النحويين يأبون وقوع «ما» على العاقل إلا في مواضع. وقال الراغب (٢) : قيل : آدم وما ولد من الأنبياء. انتهى. كأنّه خصّ ذلك لأجل الإقسام بهم. وقال الهرويّ وما ولد من نبيّ وصدّيق وشهيد ومؤمن. قلت : هذا أوسع ممّا تقدّم ، ألا أنه خصّصه أيضا حتى لا يقع الإقسام بالكفار ، إذ الإقسام بالشيء تعظيم له. قوله تعالى : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ)(٣). الولد : فعل بمعنى المفعول ، نحو القبض والنّقض. والولد يقع على الذكر والأنثى ، واحدا كان أو أكثر كقوله تعالى : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) هذا استفهام بمعنى نفي الولد عن ذاته المقدّسة بأيّ صفة كان من ذكورته ووحدته وغيرهما.
قوله تعالى : (لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً)(٤) قرىء بفتح الواو واللام ، وبضمّ الواو وسكون اللام. فقيل : لغتان بمعنى كالعدم والعدم ، والرّشد والرّشد ، والعرب والعرب. وقيل : الولد ـ بالضم ـ جمع ولد ـ بالفتح ـ كأسد جمع أسد. والولد يقال للمتبنّى به كقوله تعالى : (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)(٥). وقيل : بمنزلة الولد في الحنوّ والشّفقة عليه. ويقال للأب والد وللأمّ والدة ، وهما والدان كقوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)(٦).
قوله تعالى : (يَوْمَ وُلِدْتُ)(٧) وقوله : (يَوْمَ وُلِدَ)(٨) الآيتين. قيل : إنّما وقع السّلام عليهما في هذه الثلاثة مواطن ، لأنّ الإنسان أكثر ما يكون مستوحشا فيها. فالأول فيه مفارقة ما ألف من الرحمة والشيمة إلى دار التّعب والكدّ ومعاناة الهموم. والثاني مفارقة ما ألف من
__________________
(١) ٣ / البلد : ٩٠.
(٢) ليس من المفردات.
(٣) ١٠١ / الأنعام : ٦.
(٤) ٢١ / نوح : ٧١.
(٥) ٩ / القصص : ٢٨.
(٦) ١٥١ / الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٧) ٣٣ / مريم : ١٩.
(٨) ١٥ / مريم : ١٩. ويريد بقيتهما.