ل م م :
قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ)(١) مقاربة المعصية ، وأصله مقاربة الشيء مطلقا والدنوّ منه ، ثم غلب في ذلك ، وأنشد (٢) : [من الطويل]
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا |
وقد يعبّر به عن المعصية الصغيرة ، وفي التفسير : كالنظرة والقبلة. وذلك من القلّة أيضا ، ومنه : زيارته لمام أي قليلة ، وأنشد : [من الوافر]
وإن كانت زيارتكم لماما
قوله تعالى : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا)(٣) أي جامعا ، من لممت الشيء ألمّه : ضممته لمّا ، فالتقدير : ذا لمّ.
وفلان لا يأتينا إلا لماما ، أي حينا بعد حين والغيبة بعد الغيبة. ولا يأتينا إلا اللمّة بعد اللمّة ، وقال أمية بن أبي الصّلت : [من الرجز]
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا |
|
وأيّ عبد لك ما ألمّا |
وعن أبي صالح : سئلت عن قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) فقلت : هو الرجل يلمّ بالذنب ثم لا يعاوده ، فذكرت ذلك لابن عباس فقال : لقد أعانك عليها ملك كريم. وقال ابن عرفة : اللّمم عند العرب أن يفعل الإنسان الشيء في حين لا يكون له عادة.
واللّمم : الجنون أيضا ، وفي الحديث : «أنّ امرأة شكت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمما بابنتها» (٤). وفي تعويذه عليه الصلاة والسّلام : «من كلّ عين لامّة» (٥) أي ذات لمم ، ولذلك لم يقل «ملمّة» وإن كانت من اللّمم.
__________________
(١) ٣٢ / النجم : ٥٣.
(٢) ينسب البيت للحطيئة وليس في ديوانه. وهو لعبيد الله بن الحر كما في شرح المفصل : ٧ / ٥٣ ، والكتاب : ٣ / ٨٦ ، وهمع الهوامع : ٢ / ١٢٨. و (تأججا) الألف ضمير الاثنين الحطب والنار ، وقيل غير ذلك.
(٣) ١٩ / الفجر : ٨٩.
(٤) النهاية : ٤ / ٢٧٢ ، والحديث لبريدة.
(٥) المصدر السابق.