واختلف في ألفها ؛ فقيل : عن واو من لوى يلوي ، لأنهم كانوا يلتوون عليها ، أي يعكفون ، والأصل لوتة فحذفت اللام وعوض منها تاء التأنيث ، وقيل : عن ياء فتاؤها أصلية. ومن ثمّ اختلف القراء في الوقف على يائها ؛ فالكسائيّ بالهاء ، والباقون بالتاء. و «أل» فيها مزيدة ، وقيل : هي لازمة أو غير لازمة. وهل هي علم بالغلبة أو بالوضع ، خلاف ، وقد أتقناه في «الدرّ» وغيره فعليك باعتباره. وقال بعضهم : أصلها الله فحذفوا منها الهاء ، وأدخلوا فيه التاء تنبيها على قصوره عن «الله» في زعمهم ، وهو عندهم يتقرّب به إلى الله تعالى.
ويقرب من هذه اللفظة «لات» من قوله : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ)(١) وإن كان ألف لات أصلية لكونها حرفا. و «لات» هي لا النافية دخلت عليها تاء التأنيث كدخولها في ربّت وثمّت ، وتعمل عمل ليس ، إلا أنها اختصّت بحكمين بعد دخول التاء عليها ؛ أحدهما أنّها لا تعمل إلا جارّة كقوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) وقول الشاعر (٢) : [من الكامل]
ندم البغاة ولات ساعة مندم |
|
والبغي مرتع مبتغيه وخيم |
وأما قول الآخر (٣) : [من الكامل]
حنّت نوار ولات هنّا حنّت |
|
وبدا الذي كانت نوار أجنّت |
فلنا فيه كلام ليس موضعه. والثاني أن يحذف مرفوعها ويبقى منصوبها ، وكذلك كانت القراءة المشهورة. وقد قرىء برفع «حين مناص» (٤). وقال بعضهم : إنّ التاء زيدت فيها منبهة على الساعة والمدّة كأنه قيل : [ليست](٥) الساعة أو المدة حين مناص. وزعم آخرون ، ونقله الراغب عن البصريين (٦) : أصلها ليس فقلبت الياء ألفا والسين تاء نحو
__________________
(١) ٣ / ص : ٣٨.
(٢) البيت لرجل من طيىء ، وسمّاه العيني محمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي. ويقال : مهلهل بن مالك الكناني. واستشهد الفراء ب : لات ساعة مندم وقال : ولا أحفظ صدره (شرح ابن عقيل : ١ / ٢٧٥).
(٣) من شواهد المغني : ٥٩٢.
(٤) هي قراءة عيسى بن عمر ، وروي عنه «ولات حين». وقرأها أبو السمال وعيسى : «ولا تحين مناص» ، وأبو السمال وحده «ولات حين» بالرفع فيهما (مختصر الشواذ : ١٢٩).
(٥) إضافة يقتضيها السياق.
(٦) المفردات : ٤٥٥ ، وقاله أبو بكر العلّاف.