قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ)(١) الآية. أي هم في جهلهم [بمضمون](٢) حقائق معاني التوراة كالحمار في جهله ممّا على ظهره من الأسفار. وقوله : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ)(٣) منبهة في ملازمته عنه واتباعه هواه وقلة مزايلته له بالكلب الذي لا يزايل اللهث على جميع الأحوال ، وقد تقدّم شرحه. وقوله : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(٤) شبّه من أتاه الله ضربا من الهدى والمعونة فأضاعه ولم يتوصّل به إلى ما رشّح له من نعيم الأبد بمن استوقد نارا في ظلمة. فلمّا أضاءت له ضيّعها ونكس فعاد في ظلمته التي كان فيها.
قوله : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ)(٥) الآية. شبّهوا المدعوّ بالغنم التي ينعق بها وداعيها بالناعق بالغنم فأجمل وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الألفاظ. وبسط ذلك وشرحه : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بالغنم ، ومثل الغنم التي لا تسمع إلا دعاء ونداء. وفيه تقديرات أخر حرّرناها في «الدر» وغيره.
قوله : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ)(٦) أي النّقمات ، الواحدة مثلة. وقرىء بسكون العين ، وهو مطّرد كعضد في عضد (٧). والمثلة : نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره كالنّكال. وقيل : المثلة هي المثلة بضمّ الفاء وسكون العين (٨). وقد قرىء المثلات جمعا له. وقال ابن اليزيديّ : المثلات : الأمثال والأشباه.
قوله : (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ)(٩) أي قصصهم وعقوبتهم. قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ)(١٠) ، (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ)(١١) ، (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ
__________________
(١) ٥ / الجمعة : ٦٢.
(٢) بياض في الأصل ، والإضافة من د.
(٣) ١٧٦ / الأعراف : ٧.
(٤) ١٧ / البقرة : ٢.
(٥) ١٧١ / البقرة : ٢.
(٦) ٦ / الرعد : ١٣.
(٧) قرأ يحيى بن وثاب «المثلات» ، وعيسى بن عمر «المثلات» (مختصر الشواذ : ٦٦).
(٨) ساقطة من ح.
(٩) ٨ / الزخرف : ٤٣.
(١٠) ١٨ / إبراهيم : ١٤.
(١١) ٢٩ / الفتح : ٤٨.