خَلَوْا)(١) كلّ ذلك بمعنى الصّفة ، ويجوز أن يكون على بابه لما في ذلك من الغرابة.
قوله تعالى : (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ)(٢) أي من مثل السّفن. ويعني بذلك الإبل ، وذلك أنّها في حملها الأشياء الثقيلة وصبرها على عدم الماء والعلف كالسّفن ، ولذلك تسمّيها العرب «سفن البرّ».
قوله تعالى : (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ)(٣) أي أنه تعالى أحيا من مات من ولد أيوب عليهالسلام ورزقه مثلهم زيادة.
قوله تعالى : (ما هذِهِ التَّماثِيلُ)(٤) الواحد تمثال. وهي صورة تجعل على شكل من يرون حكاية صورته وشكله ، والمراد هنا الأصنام. وقوله : (مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ)(٥) قيل : هي صور الأنبياء ، وكان التصوير في شرعه عليه الصلاة والسّلام مباحا ، فأمر الجنّ أن يصوّروا مثل صور الأنبياء لتذكّر الناس أفعالهم فيعملون بعملهم. وكذا كان زمن نوح عليهالسلام. يقال : إنّ ودّا وسواعا ويغوث ونسرا كانوا قوما صالحين. فلما ماتوا صوّروا صورهم ليتذكّر الناس بهم. فلما طال الزمان وحدث خلف جاء إبليس فقال لهم : إنّ آباءكم الأقدمين كانوا يعبدون هؤلاء ، وعبدها قدّامهم ، فتبعوه. وأصل المادة على الانتصاب والتصوير ؛ يقال : مثل بين يديه أي انتصب ، ومنه الحديث : «من أحبّ أن يمثل الناس له قياما فليتبوّأ مقعده من النار» (٦).
والممثّل : هو الشيء المصوّر على مثال غيره ، وتمثّل كذا : تصوّره بصورته ؛ قال تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)(٧).
__________________
(١) ٢١٤ / البقرة : ٢.
(٢) ٤٢ / يس : ٣٦.
(٣) ٤٣ / ص : ٣٨.
(٤) ٥٢ / الأنبياء : ٢١.
(٥) ١٣ / سبأ : ٣٤.
(٦) النهاية : ٤ / ٢٩٤ ، وفيه : «من سرّه ...» ، والترمذي ، الأدب ، ١٣.
(٧) ١٧ / مريم : ١٩.