وتمحّلت الدراهم : سعيت في طلبها ، وقال أبو زيد : المحال : النّقمة ، وقال الأزهريّ : أي شديد القوة والشدّة.
وما حلت فلانا ، أي قاومته أيّنا أشدّ ، وفي الحديث : «ولا تجعل القرآن بنا ماحلا» (١) أي ساعيا في هلاكنا على المجاز. وقال أبو عبيد : المحال : العقوبة والمكروه. وقال ابن عرفة : المحال : الجدال ؛ ماحل عن أمره ، أي جادل ؛ وأنشد لذي الرّمّة (٢) : [من الوافر]
ولبّس بين أقوام فكلّ |
|
أعدّ له السّفارة والمحالا |
قال : ومنه حديث أنس رضي الله تعالى عنه (٣) : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسل رسولا إلى عظيم من المشركين يدعوه إلى الله تعالى ، فقال المشرك : صف لي إلاهك أمن فضة أم من ذهب أم من نحاس؟ فاستعظم ذلك ، فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ارجع فإذا صاعقة قد أصابته». ونزل قوله تعالى : (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) ، أي الكيد والعقوبة. والمشهور أنّ ميمه أصلية لاشتقاقه من المحل كما تقدّم. وقال القتيبيّ : هو من الحيلة وميمه زائدة. وردّ عليه بأنّ ميمه أصلية بدليل أنّ كلّ ما كان على زنة فعال كمهاد وملاك ومراس كانت ميمه أصلية. وكلّ ما كان على مفعل من ذوات الواو تفتح عينه نحو : محور ومقول. وبيانه في غير هذا ، إلا أنه قد قرأ الأعمش «المحال» بالفتح ، وفسّرها ابن عباس بأنها من الحول فهي مرشّحة لما قاله القتيبيّ.
وقال بعضهم : هو من قوله : محل به محلا ومحالا ومحالا : إذا أراده بسوء. قال أبو زيد : محل الزمان : قحط ، ومكان ماحل ومتماحل ، وأمحلت الأرض. والمحالة : فقارة الظّهر والجمع المحال. ولبن ممحل ، أي فاسد ، وفي الحديث : «أنّ إبراهيم قال : أنا الذي كذبت ثلاث كذبات. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وما منها كذبة إلا وهو يماحل بها عن الإسلام» (٤) أي يجادل. قلت : تسميته صلىاللهعليهوسلم ما ماحل به كذبات على طريق المجاز ، وإلا فهو مبرّأ من
__________________
(١) النهاية : ٤ / ٣٠٣.
(٢) ديوان ذي الرمة : ٣ / ١٥٤٤.
(٣) رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي وابن جرير عن أنس ، وأخرجه الحافظ البزّار بنحوه.
(٤) النهاية : ٤ / ٣٠٣ ، أي يدافع ويجادل.