الكذب المذموم صلىاللهعليهوسلم. ولذلك لم يسكت نبينا صلىاللهعليهوسلم بل فسّر لأمّته تلك الكذبات وبيّن وجهها.
وفي الحديث : «القرآن شافع مشفّع وماحل مصدّق» (١) أي ساع مصدّق من : محل به إذا سعى به ، وقيل : معناه مجادل مصدّق. ومنه الحديث أيضا : «عهدهم لا ينقض عن شية ماحل» (٢) أي ساع وواش يسيء بهم. ومن كلام أمير المؤمنين عليّ رضي الله تعالى عنه : «إنّ من ورائكم فتنا متماحلة» (٣) أي متطاولة ممتدّة. والمتماحل من الرجال : الطويل ، وقال بعضهم : معنى (شَدِيدُ الْمِحالِ) أي شديد الأخذ بالعقوبة. وكلّها معان متقاربة بألفاظ متغايرة.
م ح ن :
قوله تعالى : (فَامْتَحِنُوهُنَ)(٤) أي اختبروهنّ وجرّبوهنّ وابتلوهنّ. وقد تقدّم الكلام في الابتلاء. وأصله من : امتحنت الذهب والفضة : إذا أذبتهما لتختبرهما أهما خالصان أم لا. قال أبو عبيد في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى)(٥) أي صفّاها وهذّبها. وفي الحديث : «فذلك الشهيد الممتحن» (٦) قال شمر : هو المصفّى المهذّب ، وهذا بمعنى ما تقدّم ؛ فإنّ التصفية والتخليص من واد واحد.
م ح و :
قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ)(٧) أي يمحو ما يشاء ممّا يكتبه الحفظة ويثبت ما يشاء. وفي التفسير : إنّ الله ينظر كلّ يوم في اللوح المحفوظ سبعين نظرة فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء. ومعنى ذلك أنّ الله تعالى أمر الملائكة بكتب أشياء فيأمرها بأن تجعل فلانا الشقيّ سعيدا وعكسه. وفلانا الغنيّ فقيرا وعكسه ، فتفعل
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) النهاية : ٤ / ٣٠٣.
(٣) النهاية : ٤ / ٣٠٤.
(٤) ١٠ / الممتحنة : ٦٠.
(٥) ٢ / الحجرات : ٤٩.
(٦) النهاية : ٤ / ٣٠٤.
(٧) ٣٩ / الرعد : ١٣.