الفضائل كالمرض والمانع للبدن من التصرّف الكامل ، وإما لكونها مانعة من تحصيل الحياة الأخروية المشار إليها بقوله : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ)(١) ، وإمّا لميل النفس به إلى الاعتقادات الرديئة لميل البدن المريض إلى الأشياء المضرّة ، قال : وتكون هذه الأشياء متصوّرة بصورة المرض ؛ قالوا : دوي صدره ، ونغل قلبه. وقال صلىاللهعليهوسلم : «أيّ داء أدوأ من البخل؟» (٢) واستعير ذلك من قولهم : شمس مريضة ، أي غير مضيئة لعارض عرض لها.
والتمريض : القيام على المريض ، وحقيقته إزالة المرض ، كالتّقذية : إزالة القذى ، وقيل : في قلوبهم شكّ ، وقيل : ظلمة. وأنشد (٣) : [من البسيط]
وليلة مرضت من كلّ ناحية |
|
فما يحسّ بها شمس ولا قمر |
وفلان يمرّض القول ، أي لا يصحّحه. وقال ابن عرفة : المرض في القلوب فتور عن الحقّ ، وفي الأبدان فتور عن الأعضاء ، وفي العيون عن النظر.
م ر ي :
قوله تعالى : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ)(٤) قيل : الشكّ ، وقال آخرون : المرية : التردّد في الأمر ، وهو أخصّ من الشكّ ، قاله الراغب (٥) : وفيه نظر ؛ فإنّ الشكّ تردّد أيضا مع تساوي الطرفين.
قوله : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)(٦) هو يفعلون من المرية أي يشكّونه. قوله تعالى : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً)(٧) أي لا تجادل وتحاجج.
__________________
(١) ٦٤ / العنكبوت : ٢٩.
(٢) صحيح البخاري ، الخمس ، ١٥.
(٣) اللسان ـ مادة مرض ، منسوب إلى أبي حبّة ، وفيه :
فلا يضيء لها نجم ولا قمر
(٤) ١٠٩ / هود : ١١.
(٥) المفردات : ٤٦٧.
(٦) ٣٤ / مريم : ١٩.
(٧) ٢٢ / الكهف : ١٨.