والامتراء والمماراة ، المحاججة فيما فيه مرية. قيل : وأصل ذلك من : مريت الناقة : مسحت ضرعها للحلب.
قوله : (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى)(١) أي أفتجادلونه مجادلة الشاكين المتحيّرين لا الكائنين على بصيرة فيما تخاصمون فيه. وقرىء فتمرونه (٢) ، وفسّرت بالجحود ، أي أفتجحدونه؟ والمراد : المجادلة ، قال الشاعر (٣) : [من الطويل]
وإياك إياك المراء فإنه |
|
إلى الشرّ دعّاء وللشرّ جالب |
ويشهد لقراءة «تمرونه» قول الآخر : [من البسيط]
وقد مريت أخا ما كان يمريكا
وفي الحديث : «لا تماروا في القرآن فإنّ مراء فيه كفر» (٤) ، قال أبو عبيد : ليس معنى الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل ، ولكنه على الاختلاف في اللفظ ، وذلك أن يقرأ الرجل بشيء فيقول له آخر : ليس ذلك كذا ، وقد أنزلا جميعا ، يشهد / لذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (٥). فالمماراة : أن يستخرج الرجل من مخاصمه كلاما ومعاني من خصومة وغيرها ، من مريت الشاة والناقة كما تقدّم ـ أي استخرجت لبنها بمسح ضرعها. يقال : ماريت الرجل وماررته (٦). ومنه قول الأسود (٧) : «ما فعل الذي كانت امرأته تشارّه وتمارّه؟». وفي الحديث : «إمر الدّم بما شئت» (٨) أي استخرجه ، من مرى
__________________
(١) ١٢ / النجم : ٥٣.
(٢) قرأها حمزة والكسائي ومن وافقهما (الإتحاف : ٢٤٨).
(٣) من شواهد المغني : ٦٧٩ ، شرح المفصل : ٢ / ٢٥ ، الكتاب : ١ / ٢٧٩. والبيت للفضل بن عبد الرحمن القرشي يقوله لابنه القاسم.
(٤) النهاية : ٤ / ٣٢٢.
(٥) صحيح البخاري ، خصومات ، ٤.
(٦) أي خالفته وتلوّيت عليه.
(٧) وكذا في اللسان. وفي النهاية : «أبي الأسود» (٤ / ٣١٧) في مادة مرر.
(٨) النهاية : ٤ / ٣٢٢.