ويدل على أنه يعادي : قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) [البقرة : ٩٨] وقوله : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) [الممتحنة : ١] إلى غير ذلك من الآيات والآثار.
ويدل أنه يبغض : قوله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة يبغضهم الله تعالى : شيخ زان ؛ وبائع حلّاف ؛ وفقير محتال».
مسألة
فإن قيل : فما الدليل على أن غضب الله سبحانه ورضاه ، ورحمته ، وسخطه ، وحبه وعداوته ، وموالاته وبغضه إنما هو إرادته لإثابة من رضي عنه وأحبه ووالاه ونفعه ، وأن غضبه ، وسخطه ، وبغضه ، وعداوته إنما هو إرادة عقاب من غضب عليه وسخط وعادى وإيلامه وضرره؟
قيل له :
الدليل على ذلك : أن الغضب والرضا ونحو ذلك لا يخلو ؛ إما أن يكون المراد به إرادته النفع والضرر فقط ، أو يكون المراد به نور الطبع وتغيره عند الغضب ، ورقته وميله وسكوته عند الرضا ، فلما لم يجز أن يكون الباري جلّت قدرته ذا طبع يتغير وينفر ، ولا ذا طبع يسكن ويرق ، وأن هذه من صفات المخلوقين ، وهو يتعالى عن جميع ذلك : ثبت أن المراد بغضه ، ورضاه ، ورحمته ، وسخطه إنما هو إرادته وقصده إلى نفع من كان في معلومه أنه ينفعه ، وضرر من سبق في علمه وخبره أنه يضره لا غير ذلك.
مسألة
فإن قيل : فهل يجوز أن يوصف بالشهوة؟ قيل له :
إن أراد السائل بوصفه بالشهوة إرادته لأفعاله فذلك صحيح من طريق المعنى غير أنه أخطأ وخالف الأمة في وصف القديم بالشهوة ؛ إذ لم يرد بذلك كتاب ولا سنة ، لأن أسماءه تعالى لا تثبت قياسا ، وهو معنى قول الشيخ رضي الله عنه : (مدخل للعقل والقياس في إيجاب معرفته ، وتسميته ، وإنما يعلم ذلك بفضله من جهته). يعني : إما بنص كتاب ، أو سنة. وإن أراد هذا السائل أن يصفه بالشهوة التي هي [شوق] النفس وميل الطبع إلى المنافع واللذات فذلك محال ممتنع على القديم سبحانه وتعالى ، بما قدمنا ذكره من قبل.