بين الاسم والتسمية وبين الكتابة والمكتوب وما جرى هذا المجرى فلا يحل الله له أن يفتي في دين الله تعالى ، نعوذ بالله من الجهل بالله تعالى وصفاته.
مسألة
ويجب أن يعلم : أنه يجوز لله تعالى إرسال الرسل وبعث الأنبياء ، خلافا لما تدّعيه البراهمة.
والدليل عليه أيضا : أنه مالك الملك يفعل ما يشاء ، مع ما سبق من أنه ليس في إرسال الرسل استحالة ، ولا خروج عن حقائق العقول ، فدل على جواز ذلك.
مسألة
ويجب أن يعلم : أن صدق مدعي النبوة لم يثبت بمجرد دعواه ، وإنما يثبت بالمعجزات ، وهي أفعال الله تعالى الخارقة للعادة المطابقة لدعوى الأنبياء ، وتحديهم للأمم بالإتيان بمثل ذلك.
يبين لك ذلك : أن موسى عليهالسلام جاء في زمان سحرة وسحر ، فتحداهم بقلب العصا حية ، فعلم المحققون منهم في السحر ، أن ذلك خارج عن قبيل السحر ؛ لعجزهم عن ذلك ، وخرقه لعادة السحر ، فسارعوا إلى الإيمان ، وهذا يدل على فضل العلم من أي نوع كان : فإنه أول من سارع إلى الإيمان السحرة ، لعلمهم بالسحر ، فكان في علمهم ذلك ـ وإن كان باطلا ـ فضل كبير على غيرهم من قومهم ممن لا يعلم السحر.
وكذلك عيسى عليهالسلام : جاء في زمان قوم طبّ ومداواة ، فأحيا الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص ، فأتى بما هو خارج عن قبيل الطب. خارقا للعادة فيه ، لا يقدر عليه مخلوق.
وكذلك : نبينا صلىاللهعليهوسلم ، جاء في وقت فصاحة وشعر وخطب ونظم ونثر ، فأتاهم بما هو خارج عن عاداتهم في النظم والنثر ، وهو أفصح وأجزل وأوجز ، وتحداهم بالإتيان بمثله ، فوجدوا ذلك خارجا عن نظمهم ونثرهم وخارقا لعادتهم ، فعجزوا عنه فسارع من هداه الله إلى الإيمان به ، ولله الحمد والمنّة ، على الهداية والتوفيق.