بواسطة ، فتارة يسمع كلامه من شاء من الخلق بغير واسطة ولا حجاب ، كتكليمه لنبينا عليهالسلام ليلة المعراج. دليل الثلاثة قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) [الشّورى : ٥١] وهو نبينا صلىاللهعليهوسلم أسمعه الله تعالى كلامه ليلة المعراج من غير واسطة ولا حجاب ، لأنه تعالى في تلك الليلة قال : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠)) [النّجم : ١٠] ولا يحمل الوحي هاهنا على الإلهام بل على السماع والإفهام ؛ أو من وراء حجاب ، كموسى عليهالسلام أسمعه كلامه بلا واسطة لكن حجبه عن الرؤية ، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء فيسمع من يشاء كلامه بواسطة تبليغ الرسول أو قراءة القارئ. وهذه جملة بليغة في هذا المعنى إن شاء الله تعالى.
مسألة
ويجب أن يعلم أن كلام الله تعالى منزل على قلب النبي صلىاللهعليهوسلم نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال.
والدليل على ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)) [الشّعراء : ١٩٢ ـ ١٩٥] فيجب أن تعتقدها هنا أربعة أشياء هنا : منزّل ، ومنزّل ، ومنزول عليه ، ومنزول به. فالمنزل هو الله تعالى لقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) [الحجر : ٩] وقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) [النّحل : ٤٤] والمنزل على الوجه الذي بيّنّاه من كونه نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال كلام الله تعالى القديم الأزلي القديم بذاته ، لقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢)) [الشّعراء : ١٩٢] والمنزل عليه قلب النبي صلىاللهعليهوسلم ، لقوله تعالى : (عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)) [الشّعراء : ١٩٤] والمنزول به هو اللغة العربية التي تلا بها جبريل ، ونحن نتلو بها إلى يوم القيامة ، لقوله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)) [الشّعراء : ١٩٥] والنازل على الحقيقة المنتقل من قطر إلى قطر ، قول جبريل عليهالسلام. يدل على هذا قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣)) [الحاقّة : ٣٨ ـ ٤٣] وقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٩))