رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «خلق اللّه تعالى آدم عليه الصلاة والسلام على صورته»(١).
للناس في هذا مذهبان: أحدهما السكوت عن تفسيره، والثاني الكلام في معناه.
واختلف أرباب هذا المذهب في الهاء إلى من تعود على ثلاثة أقوال:
أحدها: تعود إلى بعض بني آدم، قال: وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم مرّ برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبّح اللّه وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال صلى اللّه عليه وسلم: «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن اللّه تعالى خلق آدم على صورته».
وإنما خصّ آدم بالذكر لأنه هو الذي ابتدئت خلقة وجهه على هذه الصورة التي احتذى عليها من بعده، وكأنه نبّه على أنك سببت آدم وأنت من ولده، وذلك مبالغة في زجره، فعلى هذا تكون الهاء كناية عن المضروب(٢). ومن الخطأ الفاحش أن ترجع إلى اللّه عزّ وجل لقوله: ووجه من أشبه وجهك فإنه إذا نسبه إليه سبحانه كان تشبيها صريحا.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن اللّه تعالى خلق آدم على صورته».
القول الثاني: أن الهاء كناية عن اسمين ظاهرين، فلا يصلح أن تصرف إلى اللّه عزّ وجل، لقيام الدليل أنه تعالى ليس بذي صورة، فعادت إلى آدم.
ومعنى الحديث أن اللّه تعالى خلق آدم على صورته التي خلقه عليها تاما، لم
__________________
(١) يقول الراغب الأصفهاني: الصورة أراد بها ما خص الإنسان بها من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة، وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى اللّه سبحانه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه تعالى عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف له كقوله بيت اللّه وناقة اللّه ونحو ذلك: ونفخت فيه من روحي.
(٢) مما أورده الرازي في تأويل هذا الخبر قوله: إن المراد منه إبطال قول من يقول إن آدم كان على صورة أخرى، مثل ما يقال إنه كان عظيم الجثة طويل القامة بحيث يكون رأسه قريبا من السماء فالنبي عليه السلام أشار إلى إنسان معين (وهو المضروب) وقال: «إن اللّه خلق آدم على صورته» أي كان شكل آدم مثل شكل هذا الإنسان من غير تفاوت البتة (ز).