ينقله من نطفة إلى علقة كبنيه(١). هذا مذهب أبي سليمان الخطابي، وقد ذكره ثعلب في أماليه.
القول الثالث: أنها تعود إلى اللّه تعالى، وفي معنى ذلك قولان: أحدهما أن تكون صورة ملك، لأنها فعله وخلقه فتكون إضافتها إليه من وجهين: أحدهما التشريف بالإضافة كقوله تعالى: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ) [الحجّ: ٢٦] والثاني ابتدعها لا على مثال سبق. والقول الثاني أن تكون الصورة بمعنى الصفة تقول «هذا صورة هذا الأمر» أي صفته، ويكون خلق آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة، فميّزه بذلك عن جميع الحيوانات، ثم ميّزه على الملائكة بصفة التعالي حين أسجدهم له، والصورة هاهنا معنوية لا صورة تخاطيط.
وقد ذهب أبو محمد بن قتيبة(٢) في هذا الحديث إلى مذهب قبيح فقال: «للّه تعالى صورة لا كالصور فخلق آدم عليها» وهذا تخليط وتهافت، لأن معنى كلامه أن صورة آدم كصورة الحق تعالى.
وقال القاضي (أبو يعلى) يطلق على الحق تعالى تسمية الصورة لا كالصور كما أطلقنا اسم ذاته.
وهذا تخليط لأن الذات بمعنى شيء، وأما الصورة فهي هيئة وتخاطيط وتأليف، ويفتقر إلى مصور ومؤلف.
وقول القائل «لا كالصور» نقض لما قاله، وصار بمثابة من يقول «جسم لا كالأجسام» فإن الجسم ما كان مؤلفا فإذا قال «لا كالأجسام» نقض ما قال.
* * *
__________________
(١) ومن الوجوه التي سردها الفخر في هذا المقام قوله: أنه تعالى لما عظم أمر آدم بجعله مسجود الملائكة، ثم إنه أتى بتلك الزلة فاللّه تعالى لم يعاقبه بمثل ما عاقب به غيره فإن نقل إن اللّه تعالى أخرجه من الجنة وأخرج معه الحية والطاوس وغير تعالى خلقهما، مع أنه لم يغير خلقة آدم بل تركه على الخلقة الأولى إكراما له وصونا عن عذاب المسخ ه. وذهب البيهقي هذا المذهب (ز).
(٢) هو صاحب التصانيف أبو محمد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة أحد أئمة الأدب، إخباري، قليل الرواية، قد يعتمد في التشبيه على ما يرويه من كتب أهل الكتاب، يتهم بالنصب، كذبه الحاكم ووثقه غيره، مات عام ست وسبعين ومائتين (ز).