وَتَسْبِيحَهُ) [النّور : ٤١] قال مجاهد : تسبيح المخلوقات هو تنزيه خالقها وتوحيده بما يستحقه من كمال صفات عظم ذاته ، قيل : يفقه تسبيحهم العلماء الربانيون الذين انفتحت أسماع بصائرهم والمنورون البصائر الذين يشاهدون كل شيء مرقوما عليه بقلم القدرة هو الملك القدوس.
وقال مجاهد : كل الأشياء تسبّح حيوانا وجمادا وتسبيحها سبحان الله وبحمده.
وروى ابن السني أنه عليه الصلاة والسلام قال : «ما تستقبل الشمس فيبقى شيء من خلق الله تعالى إلا سبّح الله تعالى وحمده إلا ما كان من الشيطان وأغبياء بني آدم» فقيل : ما أغبياء بني آدم؟ فقال : «شرار الخلق».
وقال شهيب (١) بن حوشب : حملة العرش ثمانية أربعون يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك وقال : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) [الحشر : ٢٣] فالملك اسم من أسمائه تعالى وكذا مليك وهو صفة مبالغة في الملك. قال تعالى : (عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر : ٥٥] فالملك هو المستغني عن كل شيء ويفتقر إليه كل شيء ونافذ حكمه في مملكته طوعا أو كرها ، وقيل هو القادر على الإبداع والإنشاء والإعدام وهذا على الحقيقة لا يكون إلا لله عزوجل أبدع المكونات العلويات والسفليات الجليات والخفيات أبدعها بقدرته ورتبها على اختلاف أطوارها بحكمته فكل ما برز فهو مقهور الوجود بكن ، وكل ما انعدم فهو مقهور العدم بكن وبهذا يعلم أن إطلاق الملك على ما سواه أمر مجازي إذ المملوك لا يكون مالكا لأن من هو تحت قهر الأغيار فهو كالعدم ولهذا لما تحقق أرباب القلوب أن الملك لله عزوجل تحققا قلبيا سكنت أنفسهم عن وصف الإضافات وتبرءوا من الحول والقوة حتى بالإشارات فلا يقول مني ولا لي حتى قيل لبعضهم ألك رب؟ فقال : أنا عبد وليس لي نملة ومن أنا حتى أقول لي ، فهذا وأمثاله صفّى نفسه عن رعونة البشرية وهواها وفك ربقة رق خيالاتها الباطلة ومناها ومحض رق العبودية لمولاها فترى الملوك الجبابرة مع جبروتهم يخضعون ويتذللون له ولهذا تتمات ليس هذا المقام مقامها إذ الغرض التنزيه.
__________________
(١) معروف هذا الاسم بشهر ، اه مصححه.