ومن أنكر التوسل به والتشفع به بعد موته وأن حرمته زالت بموته فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنه أسوأ حالا من اليهود الذين يتوسلون به قبل بروزه إلى الوجود وأن في قلبه نزغة هي أخبث النزغات وهذا آدم عليهالسلام توسل به كما هو مشهور.
ورواه غير واحد من الأئمة منهم الحاكم في مستدركه على الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب بحق محمد لما (١) غفرت لي فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال : يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال : يا آدم إنه لأحب الخلق إلي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولو لا محمد لما خلقتك».
قال الحاكم : صحيح الإسناد (٢). ورواه الطبراني وزاد «وهو آخر الأنبياء من ذريتك» ورواه الحاكم أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بزيادة بلفظ «أوحى الله إلى عيسى يا عيسى آمن بمحمد ومر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولو لا محمد ما خلقت الجنة والنار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن».
قال الحاكم في مستدركه : هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه ـ يعني البخاري ومسلم ـ فهذا الإمام الحافظ قد كفانا المئونة وصحح الحديث وقد رواه غير واحد من الحفاظ وأئمة الحديث بألفاظ ، منهم : أبو محمد مكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عليهالسلام عند اقترافه قال : «اللهم بحق محمد عليك اغفر لي خطيئتي» ويروي نفيل «فقال الله : من أين عرفت محمدا؟ قال : رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله».
__________________
(١) أي إلا ، اه صاحب الفرعية.
(٢) لا التفات بعد هذا التصحيح من الحاكم وهو الحاكم إلى طعن طاعن في هذا الحديث وقد رأينا من يطعن فيه وفي أمثاله من الأحاديث التي يصححها الحاكم وهي دالة على سمو شرفه عليه الصلاة والسلام وعلو منزلته عند ربه كأن هذا الطاعن أوذي ممن يستخفون بشأنه عليه الصلاة والسلام فصدر منه ذلك الطعن طاعة لشعوره وهو لا يشعر أو يشعر وكأن هذه المسألة مسألة عظم حرمته صلىاللهعليهوسلم ورفعة شأنه ـ موضع خلاف بيننا وبين هؤلاء الناس ونحن لا نسلم هذا الخلاف إلا بعد أن نسمع من هذه الشرذمة أن كلام الله تعالى مطعون في صدقه أيضا فإذا قالوها سكتنا عنهم ويكونون بذلك أراحوا واستراحوا وحسبنا الله ونعم الوكيل ، اه مصححه.