وقال العبدي المالكي في شرح الرسالة : إن المشي إلى المدينة لزيارة قبر النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل من المشي إلى الكعبة وبيت المقدس ، وصدق وأجاد رضي الله عنه لأنه أفضل البقاع بالإجماع.
فهذه نبذة يسيرة والنقول في ذلك كثيرة جدا وفيها الإجماع على طلب الزيارة بعدت المسافة أو قصرت وعمل الناس في ذلك في جميع الأعصار من جميع الأقطار ، فكيف يحل لأحد أن يبدعهم بالقول الزور ويضلل أئمة أمة المختار ، بل من المصائب العظيمة أن يوقع وفد الله تعالى في جريمة عظيمة وهي عصيانهم بشد رحالهم لزيارة قبره عقب ما رجوه من المغفرة وبتركهم الصلاة التي هي أحد أركان الدين لأنهم إذا لم يجز لهم القصر وقصروا فقد تركوا الصلاة عامدين ، ومن تركها متعمدا قتل إما كفرا وإما حدا ، ولا يصدر هذا إلا ممن هو شديد العداوة لوفد الله تعالى ولحبيبهم الذين (١) يرتجون بزيارتهم له استحقاق الشفاعة التي بها نجاتهم.
وسأذكر عقب هذا الأدلة الخاصة بالحث على زيارته وأتعرض لما قدح فيها وفي الأئمة رواتها ومنه تعلم أن هذا الخبيث لا دين له يعتمد عليه فتراه واضحا جليا لا تشك فيه ولا ترتاب فنسأل الله تعالى العافية مما يرتكبه هذا الزائغ الفاجر الكذاب ، وأن يذيقه أشد العذاب ، على ما أفسد في هذه الأمة وسيلقى أشد الحساب.
وقوله (إنما (٢) ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوسلم فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بل هي موضوعة لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئا منها) أعوذ بالله من مكر الله عزوجل.
انظر أدام الله لك الهداية وحماك من الغواية إلى فجور هذا الخبيث كيف جعل الأحاديث المروية في زيارة قبر خير البرية كلها ضعيفة ، ثم أردف ذلك بقوله باتفاق أهل العلم بالحديث ، ولم يجعل الأئمة الذين أذكرهم من أهل الحديث ، والعجب أنه روي عنهم في مواضع عديدة من كتبه ، وهذا من جهله وبلادة ذهنه وعماءة قلبه من أنه لا يعلم تناقض كلامه ونقضه بذلك ، ثم إنه لم تخمد نار خبثه بما ذكره من الفجور حتى أردف ذلك بأن الأحاديث المروية في زيارة القبر المكرم موضوعة ـ يعني أنها كذب ـ وهذا شيء لم ير أحد من علماء المسلمين ولا من عوامهم فاه به ولا رمز إليه لا من في عصره ولا من قبله قاتله الله تعالى.
__________________
(١) الذي بالإفراد ، اه مصححه.
(٢) صوابه إن ما ، اه مصححه.