ولقد أسفرت هذه القضية عن زندقته بتجريه على الإفك على العلماء وعلى أنه لا يعتقد حرمة الكذب والفجور ولا يبالي بما يقول ، وإن كان فيه عظائم الأمور.
وإذا عرفت هذا فينبغي أيها المؤمن الخالي من البدعة والهوى أن لا تقلده فيما ينقله ولا فيما يقوله ، بل تفحص عن ذلك وتسأل غير أتباعه ممن له رتبة في العلوم وإلا هلكت كما هلك هو وأتباعه (١).
ولنذكر بعض الأحاديث الواردة في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام ، وأذكر من رواها وأحذف الأسانيد لأنها لا تليق بهذه الأوراق وقد رويت من طرق بلغت بها منزلة الصحيح أو قاربت أو منزلة الحسن وأذكر من صحح بعضها وأبين أنه من الأئمة الأعلام بالحديث وأنه يعتمد تصحيحه وبالله التوفيق.
فمن الأحاديث في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام قوله صلىاللهعليهوسلم : «من زار قبري وجبت له شفاعتي» رواه غير واحد من أئمة الحديث منهم الدار قطني والبيهقي وغيرهما والحديث مروي بهذا اللفظ في عدة نسخ معتمدة وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وخرجه أبو اليمن في كتابه إيجاف (٢) الزائر ، وأطراف المغنم للسائر ، في زيارة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخه في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام بعد وفاته كان كمن زاره في حياته ، وخرجه العقيلي وغيره فلا نطول بذكر من رواه من أئمة الحديث المعتبرين وهو مروي من طرق تبلغ الحسن.
قال أئمة الحديث : والحديث أو الأحاديث وإن لانت أسانيد مفرداتها فمجموعها يقوي بعضها بعضا ويعتبر الحديث حديثا حسنا ويحتج به وممن ذكر ذلك أبو زكريا النووي ذكره في شرح المهذب في كتاب الحج وهي فائدة جليلة ينبغي معرفتها ليعلم بها جهل هذا الفاجر المبالغ في فجوره.
وقوله عليه الصلاة والسلام : «وجبت له شفاعتي» معناه : حقت ، ولا بد منها بوعده الصادق. وفي ذلك بشارة عظيمة لزوار قبره الشريف وهي أن من زاره محتسبا مات على التوحيد ، وهذه البشارة العظيمة من ثمرة زيارة قبره المكرم.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام : «وجبت له شفاعتي» تحقيق لما قلته لأجل إضافة الشفاعة إليه ولأنه عليه الصلاة والسلام مشفع لا ترد شفاعته لا في حياته ولا بعد وفاته ولا في عرصات القيامة.
__________________
(١) لعلك في دهشة مما مر مفصلا من تعمد كذب هذا الرجل في نقوله وأحكامه حتى تعدى كذبه الخلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، اه مصححه.
(٢) لا أدري أهو إيجاف كما ذكره أم إتحاف ، اه مصححه.