واعلم أن من جملة ما احتج به على منع زيارة قبره عليه الصلاة والسلام حديث «اللهم لا تجعل قبري وحدثنا وعيدا اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وهذا من أظهر الأمور على عمى قلبه وطمس بصيرته كيف يتخيل متخيل فضلا عن أن يعتقد معتقد أن قبره المكرّم المعظّم يصير وثنا ، كلا والذي رفع ذكره وأعلى قدره وعظّمه وملأ كتابه بذلك لا يمكن تصور ذلك ، وكيف يتصور وهو لا ترد له دعوة ولو في حق غيره فكيف بما هو في حقه ، وهذا من المعلوم الشائع الذائع عند المتسع الباع ، ولو عددت لك نقطة من ذلك مع الاقتصاد لضاقت القراطيس والألواح ، ولما أدرك غبار مباديه ولما لاح.
دعا عليه الصلاة والسلام لسعد بن أبي وقاص أن يجيب الله دعوته فما دعا على أحد إلا استجيب له. وإذا كان هذا قد ناله ببركة دعوته فكيف بدعائه لنفسه لا سيما في هذا الأمر الفظيع.
ومرض أبو طالب فعاده عليه الصلاة والسلام فقال : ادع ربك أن يعافيني ، فقال : «اللهم اشف عمي» فقام في الحال كأنما نشط من عقال ، فقال له : يا ابن أخي أيطيعك ربك؟ فقال : «يا عماه لئن أطعت الله عزوجل ليطعنك».
ودعا عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها أن لا يجيعها ، قالت رضي الله عنها : فما جعت بعد.
ودعا عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه أن يكفيه الحر والبرد فكان يلبس في الشتاء ثياب الصيف وفي الصيف ثياب الشتاء ولا يصيبه حر ولا برد.
ودعا عليه الصلاة والسلام لابن عباس فقال : «اللهم فقهه في الدين وعلم التأويل» فكان كذلك ، وكان بعد ذلك يسمى الحبر وترجمان القرآن.
ودعا لعبد الرّحمن بن جعفر بالبركة في صفقة يمينه فما اشترى شيئا إلا ربح فيه.
ودعا عليه الصلاة والسلام لعروة بن أبي الجعد فكان لو اشترى التراب لربح فيه.
ودعا عليه الصلاة والسلام لعبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه بالبركة ، قال عبد الرّحمن : فلو رفعت حجرا لرجوت أن أصيب تحته ذهبا.
وندت له عليه الصلاة والسلام ناقة فدعا بردها فجاءها إعصار ريح حتى ردها عليه. فانظر كيف من كساه خلع القرب والمنزلة عنده أن جعلها سائسة بعيره. والإعصار أحد الأعاصير وهو الريح العاصف التي ترتفع إلى السماء كأنها عمود.