هو مصرّح به في الأحاديث الصحيحة في قوله عليه الصلاة والسلام : «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا ، وفي قوله عليه الصلاة والسلام لما أخبر بكنيسة بأرض الحبشة قال : «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوّروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله عزوجل» فهذا هو الذي حذّر منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وأما الزيارة والسلام على الميت والدعاء له وعنده فلم يؤدّ إلى ذلك ولا له تعلق بتلك الأمور ، ومن تخيل ذلك فهو من سوء فهمه في هذا الأمر الواضح ولو كان يؤدي إلى ذلك لما شرعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبلغ من ذلك لما أمره الله عزوجل بالخروج إلى قبور الشهداء الذين أكرمهم بالشهادة حين نزل عليه جبريل عليهالسلام وأمره بأمر الله تعالى بالخروج إلى بقيع الغرقد بل كان نهاه أن لو أراد الخروج ، وأيضا فإنه عليه الصلاة والسلام قال : «زوروا القبور» كما رواه مسلم وغيره بزيادة إلى غير ذلك مما علمهم عليه الصلاة والسلام كيفية الزيارة كما جاء في الأحاديث في زيارتها قولا وفعلا.
وتواتر ذلك وأجمع عليه المسلمون حتى أن منهم من أوجب زيارتها لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام : «زوروا القبور» فلو كانت الزيارة من الأمور التي تؤدي إلى الشرك كاتخاذها مساجد وعيدا والتصوير ونحو ذلك لم يشرعه الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوسلم ولا شرعها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله وبفعله ، وقد أطلعه الله عزوجل على ما أراد من غيبه وبعثه بدينه القويم وهو الصراط المستقيم ، ولا فعلها الصحابة رضي الله عنهم الذين هم من أصفياء الله تعالى ، بل كانوا أحرص الناس على ذلك خوفا من إعادة ما جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإماتته ودفنه واندراس أثره ، والله أعلم.
وأنت أيها العاقل الفطن إذا تصورت ما نقلته لك وتعقلته بذهنك الصحيح علمت وتحققت أنه ليس لأحد أن يحرم إلا ما حرم الله تعالى ورسوله وأنه لا يحل له التهجم على موارد الشرع ومصادره بخيالاته الفاسدة وأنه بذهنه الجامد أدرك ما لم يدركه الصحابة رضي الله عنهم ولو فتحنا هذا الباب وتتبعنا هذه الخيالات الفاسدة لهدمنا أمورا كثيرة من الدين ولا نحلت عراه عروة عروة وتبدلت بعد الجهالة ولمات الدين ، وذلك من الخسران المبين ، شعر :
فالقول ما قال النبي وصحبه |
|
فإذا اقتديت بهم فنعم المقتدى |