وقيام الحوادث من الصوت وغيره بذاته تعالى. وأخذ يشيع أن القول بذلك هو الإسلام والإيمان والدين والتوحيد ، وأن ذلك هو مذهب أحمد بن حنبل (١) وأن من
__________________
ـ ويصور لنا الشهرستاني بعض معتقداتهم ، وبعد أن يورد أصولهم فيقول : إن جماعة من الشيعة الغالية ، وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه مثل : الهشاميين من الشيعة. ومثل مضر ، وكهمس ، وأحمد الهجمي وغيرهم من الحشوية. قالوا : معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض ويجوز عليه الانتقال والنزول والصعود والاستقرار والتمكن. وأما مشبهة الحشوية ، فحكى الأشعري عن محمد بن عيسى أنه حكى عن مضر ، وكهمس ، وأحمد الهجيمي : أنهم أجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة. وأن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة. وحكى عن داود الجواربي أنه قال : اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك. وقد أورد كثيرا من هذه المعتقدات الفاسدة الأشعري في مقالاته ، وكذا البغدادي في فرقه ... ثم إن الإمام الرازي رتب فرقهم الخمسة هكذا : ١ ـ الحكمية : وهم أصحاب هشام بن الحكم. ٢ ـ الجواليقية : أتباع هشام بن سالم الجواليقي الرافضي. ٣ ـ اليونسية : أتباع يونس بن عبد الرّحمن القمي. ٤ ـ الشيطانية : أتباع شيطان الطاق. ٥ ـ الحوارية أصحاب داود الحواري. وكذا أورد طوائف الكرامية وقال : وأقربهم الهيصمية وفي الجملة ، فهم كلهم يعتقدون أن الله تعالى جسم وجوهر ومحل للحوادث ، ويثبتون له جهة ومكانا. ونقول : والحشوية ـ كما سبق ـ من أهل الحديث الذين تمسكوا بظواهر الأحاديث التي تشعر بالتشبيه ، وسبب تسميتهم بهذا الاسم كما يقول الكوثري ـ في مقدمته على تبين كذب المفتري ـ : أن الحسن البصري كان يلازم مجلسه نبلاء أهل العلم ، وقد حضر مجلسه يوما أناس من رعاع الرواة. ولما تكلموا بالسقط عنده قال : ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة أي جانبها ، فسموا الحشوية. ومنهم أصناف المجسمة والمشبهة. والحشوية بفتح الشين ويصح إسكانها ، لقولهم بالتجسيم ، لأن الجسم محشو.
انظر : مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ١٠٥ ، الفرق بين الفرق للبغدادي ص ٦٥ ، والموافق للإيجي ص ٤٢٩ ، اعتقاد فرق المسلمين والمشركين للفخر الرازي ص ٩٧ ـ ١٠١ ، تبين كذب المفتري لابن عساكر الدمشقي ص ١١.
(١) يقول الرازي : اعلم أن جماعة من المعتزلة ينسبون التشبيه إلى الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين. وهذا خطأ. فإنهم منزهون في اعتقادهم عن التشبيه والتعطيل ، ولكنهم كانوا لا يتكلمون في المتشابهان مع جزمهم بأن الله تعالى لا تشبيه له وليس كمثله شيء. وأقول بعد ذلك : فلا يخدعنك عن دينك قول من يقول : إن كل حنبلي مجسم ، فتظن أن الإمام أحمد كان هو أو فقهاء أتباعه كذلك ـ فالمجسمة إن كانوا حنابلة ففي الفروع لا في الأصول ـ وقد روى الإمام أبو الفضل التميمي شيخ الحنابلة ، والحافظ ابن الجوزي وغيرهما من أعيان المذهب عن الإمام أحمد ما عليه الجماعة من تنزه الحق عن الجسمية ولوازمها. روى البيهقي في مناقب الإمام أحمد بسنده عن أبي الفضل أنه قال : «أنكر أحمد على من قال بالجسم وقال : إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة. وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف. والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية. ولم يجيء في الشريعة ذلك فبطل».