ليتني ما شرعت في الكلام مع هذا ... ينبغي أن يطالب بالقولين على هذه الصورة وبالقول بأنه ما تلك المشيئة وصفه وإنما سمع كلاما إمام من كلامهم وإما من شيخه فما فهمه هو أو ما فهمه شيخه وعبّر عنه بهذه العبارة الرديئة ، وإن أراد بهذا البيت المعتزلة فقد خلط كلام المعتزلة بكلام الأشعرية.
ثم قال :
وكلامه مذ كان غيرا كان مخلوقا له
هذا بالنسبة إلى المعتزلة ثم قال :
«قالوا وإقرار العباد بأنه |
|
خلاقهم هو منتهى الإيمان» |
لم يقولوا كذلك ، أما أولا فلأنه لا بد من الشهادتين ، وأما ثانيا فمنتهى الإيمان يشعر بالإيمان الكامل ولم يقل بهذا أحد ، وأما ثالثا فقوله «فالناس في الإيمان شيء واحد» ليس مما يحسن (١) وأما رابعا فكما ذكره عن أبي جهل وغيره (٢) أنه لم يكن فيهم منكر للخالق ، يكفي في الرد عليه أن كل من سمعه يتخذه ضحكة.
__________________
(١) لأنه إن أراد أن الناس متساوون في الإيمان فهذا باطل لأن من الناس من هو مؤمن ومن هو كافر وإن أراد أن المؤمنين متساوون في الإيمان فلا يصح ذلك أيضا فإن منهم من هو كامل الإيمان باستكمال العمل ومنهم من هو غير كامل الإيمان بإخلاله بالعمل وإن كانوا متساوين في المؤمن به وفي الجزم المنافي لتجويز النقيض ، على أن طريق حصول هذا الجزم مختلف في المؤمنين فيتفاوت إيمانهم باعتبار عدم قبوله الزوال أصلا أو قبوله الزوال ببطء أو بسرعة ، فالعامي الجازم معرّض لزوال الإيمان بأدنى تشكيك والعالم الجازم بالبراهين يمكن زوال إيمانه بطروء شبهة ، وإيمان الأنبياء لا يحتمل الزوال أصلا لأن طريق حصوله الوحي والمشاهدة.
(٢) من عبدة الأوثان واليهود والنصارى وفرعون وقارون وهامان ونحوهم. ولو تذكر ابن القيم قول يوسف عليهالسلام ـ كما حكى القرآن الكريم ـ (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف : ٣٩] وقول إبراهيم عليهالسلام ـ كما حكى القرآن الكريم ـ : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦)) [الصافات : ٨٦] وقول الكفار حينما دعاهم الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى كلمة التوحيد ـ كما حكى القرآن الكريم ـ : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) [ص : ٥] وقولهم في التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك) لا ستحيا أن يفوه بذلك وبقوله :
هل كان فيهم منكر للخالق ال |
|
رب العظيم مكون الأكوان |
فليبشروا ما فيهم من كافر |
|
هم عند جهم كاملو الإيمان |
فأين توحيد الربوبية والألوهية من توحيد الخالقية والرازقية؟ على تقدير تسليم شمول آية توحيد الخالقية لهم بل الضمير في (ولئن سألتهم) بعيد عن العموم. ومعتقد المؤمنين : أنه لا رب ولا إله ولا خالق ولا رازق سوى الله عزوجل. وهذا هو إيمان المؤمنين على رغم تقول الزائغين المائلين إلى الخوارج المستهجنين لمعتقد المؤمنين.