أوامر ولا نهي ولا فرقانا ، لكن جعلت حجاب نفسك إذا تى ، فوق السماء من ديان ، لو قلت ما فوق السماء مدبر والعرش تخليه من الرّحمن ، والله ليس متكلما بالقرآن لحللت طلسمه وفزت بكنزه وعلمت أن الناس في هذيان ، لكن زعمت أن ربك بائن من خلقه وأنه فوق العرش والكرسي وفوقه القدمان وأنه يسمع خلقه ويراهم من فوق وأن كلامه منه بدا وإليه (١) يعود ووصفته بالسمع والبصر والإرادة والقدرة وكراهة ومحبة وحنان ، وأنه يعلم كل ما في الكون ، وأنه كلم موسى ، والنداء صوت بإجماع النحاة ، وأن محمدا صلىاللهعليهوسلم أسرى به (ليلا إليه) فهو منه داني وأنه يدنيه يوم القيامة حتى يرى قاعدا معه على العرش وأن لعرشه أطيطا (٢) وأن الله أبدى بعضه للطور ، وأن له وجها وله يمين ، بل زعمت يدان ، وأن يديه للسبع العلى والأرض (يوم الحشر) قابضتان (٣) وأن يمينه ملأى من الخير ، وأن العدل في الأخرى وأن الخلق طرا عنده
__________________
ـ العربي في شرح سنن الترمذي وأنت تعرف مبلغ براعته في الحديث ونقده وتحسين الترمذي بالنظر إلى تعدد طرقه بعد سماك ، وهذا مصطلح له وقوله : غريب إشارة إلى انفراد سماك عن ذلك المجهول ولا شأن للمجاهيل والوحدان والمنقطعات في إثبات الصفات أصلا ولم يثبت عن القدمين حديث مرفوع ، وقول ابن عباس لإفادة أن الكرسي صغير بالنسبة إلى العرش ككرسي قد وضع لقدمي القاعد على السرير كما قال ابن الجوزي. ورواية من رواه بلفظ (قدميه) تحريف للرواية وتقييد الرؤية بلفظ (من فوق) من كيس المجسم بدون كتاب ولا سنة. ووصفه سبحانه بالصفات الواردة في الكتاب والسنة لم ينفه أحد من أهل الحق ، كما لم ينف أحد منهم كلام الله لموسى بلا كيف. والإقعاد معه على العرش يروى عن مجاهد بطريق ضعيفة وتفسير المقام المحمود بالشفاعة متواتر تواترا معنويا وأنى ما ينسب إلى مجاهد من ذاك؟ وقد صرح غير واحد من الأئمة ببطلان ما يروى عن مجاهد ، ويرى بعض النصارى رفع عيسى عليهالسلام وإقعاده في جنب أبيه وهذا هو مصدر هذا التخريف.
(١) قال ابن المعلم القرشي : وهذا الحديث أوردوه بإسناد فيه محمد بن يحيى بن رزين ، قال أبو حاتم البستي كان كذابا دجالا يضع الأحاديث اه. وزيادة على ما سبق سيأتي الكلام على الصوت فانتظره ، ودعوى الإجماع في أن النداء صوت كذب كما سيأتي.
(٢) ويغنينا عن إبداء وجوه التخليط في حديث الأطيط ما ألفه الحافظ ابن عساكر في ذلك ، وإبداء بعضه للطور بمعنى إبداء بعض آيه على أنه مما أدخل على حماد بن سلمة ، تعالى الله سبحانه عن الأبعاض والأجزاء رغم أنف المجسمة. ويأتي الكلام على قبض السماوات.
قبض السماوات والأرض
(٣) قال البخاري في تفسير قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الزّمر : ٦٧] إن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض» اه. وهذا هو أصل الحديث وهو مروي بأسانيد كثيرة جدا وهو الموافق لكتاب الله سبحانه ، واليمين : القدرة كما هو مبسوط في أساس التقديس ، وحاشا