١ ـ بين «تفسير غريب القرآن» لابن قتيبة و «غريب القرآن وتفسيره» لليزيدي :
الملاحظة الأولى التي يلحظها قارىء كتاب ابن قتيبة هي أنه افتتحه بمقدمة بين فيها غرضه من تأليفه فقال : «وغرضنا الذي امتثلناه في كتابنا هذا أن نختصر ونكمل وأن نوضح ونجمل وان لا نستشهد على اللفظ المبتذل ولا نكثر الدلالة على الحرف المستعمل ، وأن لا نحشو كتابنا بالنحو والأحاديث والأسانيد» (١) ثم ابتدأ ب «باب اشتقاق أسماء الله تعالى وصفاته وإظهار معانيها» وثنى ب «باب تأويل حروف كثرت في الكتاب» وثلّث بشرح غريب سورة الفاتحة فالبقرة فآل عمران وهكذا حتى ختام المصحف الشريف وحسب تسلسل سوره ، وقد اتفق واليزيدي في هذه الناحية ، ولكن هذا الأخير لم يقدم لكتابه بأية مقدمة ، بل افتتحه مباشرة بقوله :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) وبعد ذلك بدأ بشرح غريب سورة الفاتحة التي قال عنها «سورة أم الكتاب».
ويتفق ابن قتيبة واليزيدي في ذكرهما للقراءات القرآنية وتبيان معانيها ، غير أن ابن قتيبة ، بعكس اليزيدي ، ينسب القراءات أحيانا إلى أصحابها والآراء إلى قائليها ، ويفيض في الشرح بحيث يبدو كتابه أكثر اسهابا وتفصيلا. ولنأخذ آية من سورة البقرة وأخرى من آل عمران ولنر رأي كل من المؤلفين.
(كَيْفَ نُنْشِزُها) البقرة ٢٥٩.
ـ المعنى عند ابن قتيبة : بالراء أي نحييها ، يقال أنشر الله الميت فنشر وقال (ثم إذا شاء أنشره) ومن قرأ (ننشزها) بالزاي ، أراد نحرك بعضها إلى بعض ونزعجه ، ومنه يقال : نشز الشيء ونشزت المرأة على زوجها. وقرأ الحسن «ننشزها» كأنه من النشر عن الطي ، أو على أنه يجوز : أنشر الله الميت ونشره» إذا أحياه.
__________________
(١) ابن قتيبة ـ مقدمة تفسير غريب القرآن ٣.