تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام... وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ، ولا يؤوّلون ذلك ، إلاّ أنّهم يقولون هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسمّيها صفات خبرية ، ولمّا كانت المعتزلة ينفون الصفات ، والسلف يثبتون ، سمّي السلف صفاتية ، والمعتزلة معطّلة ( لتعطيل ذاته سبحانه عن التوصيف بمحامد الصفات ) ـ إلى أن حكى عن بعض السلف ـ : عرفنا بمقتضى العقل أنّ الله ليس كمثله شيء. فلا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شيء منها وقطعنا بذلك ، إلاّ أنّا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه ، مثل قوله سبحانه : (الرّحمن على العرشِ استوى )، ومثل قوله : (لما خَلَقْتُ بيدي )، ومثل قوله : (وَجاءَ رَبُّك) ، إلى غير ذلك ، ولسنا مكلّفين بمعرفة تفسير هذه الآيات ، بل التكليف قد ورد بالاعتقاد بأنّه لا شريك له وليس كمثله شيء ، وذلك قد أثبتناه. (١)
٣ ـ قال ابن الجوزي في « تلبيس إبليس » : واعلم أنّ عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا ، لأنّهم لا يخالطون الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى المحكم. (٢)
٤ ـ ويظهر ذلك من الرازي في أساس التقديس قال : إنّ هذه المتشابهات يجب القطع بأنّ مراد الله منها شيء غير ظواهرها ، كما يجب تفويض معناها إلى الله تعالى ، ولا يجوز الخوض في تفسيرها. (٣)
وهنا كلمات للقائلين بالتفويض يشبه بعضها بعضاً.
إنّ التفويض هو شعار من لا يتعرض للأبحاث الخطيرة ، ولا يقتحم المعارك المدلهمة ، ويرى أنّه يكفيه في النجاة قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لاإله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحجّ ، وصوم رمضان » (٤) ، وعند ذاك يرى
ــــــــــــــــــ
١ ـ الملل والنحل : ١/٩٢ ـ ٩٣.
٢ ـ تلبيس إبليس : ١١٣ ، ط دار العلم.
٣ ـ أساس التقديم : ٢٢٣ كما في علاقة الإثبات : ١٠٢.
٤ ـ صحيح البخاري : ١/٧ ، كتاب الإيمان.