شيء من الممتنع بمقدور. (١)
والجواب عنه واضح ؛ فإن أُريد من كون الفعل ممتنعاً حال العدم امتناعاً بالذات فهو باطل ، إذ الممكنات في حال العدم ممكنات بالذات ، كما أنّ الممتنعات بالذات كذلك. ولا يلزم من كون الشيء معدوماً كونه ممتنعاً بالذات ، وإلاّ يلزم أن لا يصحّ الإيجاد والتكوين ؛ وإن أُريد أنّه ممتنع بالغير فنمنع عدم كونه مقدوراً بل الممتنعات بالغير مقدورات أيضاً ، بحجّة أنّه كلما تعلقت بها إرادة الفاعل ومشيئته تتحقّق في الخارج.
وقد استدلّ أصحاب منهج الشيخ الأشعري ببرهان ثالث وهو من الوهن بمكان لا يصحّ أن يذكر أو يسطر. (٢)
حصيلة البحث ضمن أُمور
١ ـ البحث عن تقدّم القدرة على الفعل أو مقارنتها معه ، لا يرجع إلى محصل ، وهو بحث قليل الفائدة أو عديمها ، ويشبه أن يكون البحث لفظياً ، فهو يريد من القدرة أحد الأمرين :
الأوّل : صحّة الفعل والترك ، وإن شئت قلت : كون الفاعل في ذاته بحيث إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل ، فلا شكّ أنّ القدرة بهذا المعنى مقدمة على الفعل فطرةً ووجداناً ، فإنّ القاعد قادر على القيام حال القعود بهذا المعنى ، والساكت قادر على التكلم في زمن سكوته لكن بالمعنى المزبور.
الثاني : ما يكون الفعل معه ضروري الوجود ( أي اجتماع جميع ما يتوقّف وجود الفعل عليه ) فالقدرة بهذا المعنى ( لو صحّ إطلاق القدرة عليه ، ولن يصحّ ) مقارنة مع الفعل غير منفكة عنه ، وهذا مفاد القاعدة التالية : « الشيء ما لم يجب لم يوجد » وعلى ذلك (٣) فلو أُريد المعنى الأوّل فهذا
ــــــــــــــــــ
١ ـ المقاصد : ١/٢٥٩ ، شرح التجريد للقوشجي : ٣٦٢.
٢ ـ لاحظ المواقف : ٦/٨٨ قول الماتن : القدرة مع الفعل ولا توجد قبله إذ قبل الفعل لا يمكن الفعل ، وإلاّفلنفرض وجوده فيه الخ.
٣ ـ وقد صرّح الأشعري بأنّ مراده من القدرة المعنى الثاني في « اللمع » عند الاستدلال ببعض