وبعبارة أُخرى : إنّ هناك منهجين : منهج الكون والفساد ، ومنهج الحركة والتكامل.
فالأوّل يهدف إلى انقطاع صلة الموجود في الآن الثاني عن الموجود في الآن الأوّل ، ويتخيّل أنّ تبدّل النار إلى الرماد والماء إلى البخار ، من هذا القبيل ، فيبطل كون ويحصل كون آخر ، أو يفسد وجود ويصلح وجود ثان.
والثاني يهدف إلى حفظ الصلة والرابطة بين الموجودين في جميع الآنات من غير فرق بين تبدّل الأكوان وتجدّد الأعراض ، ويعني من تجدد الأمثال في الأعراض ـ بل سريان الحركة في جميع عوالم الموجود المادي ـ أنّ الأشياء بجوهرها وأعراضها مع حفظ وحدتها وتشخّصها تنحو نحو التغيّر والتبدّل مرّة ، وإلى الكمال مرّة ثانية ، وليس الموجود في الآن الثاني منقطع الرابطة والصلة عن الموجود في الآن الأوّل.
وإن شئت قلت : إنّ للسواد باشتداده ، والبياض عند اكتماله فرداً شخصياً زمانياً مستمراً متصلاً بين المبدأ والمنتهى ، محتفظاً بوحدته الشخصية ، ومثله سائر الحركات في الأعراض ، وعلى ذلك فمع القول بتبادل الأعراض وتجدّد أمثالها ، يظهر أنّ للمتجدّدات والمتصرّمات المتلاحقة ، نحو وحدة ونحو بقاء ، فلا يعدّ اللاحق مغايراً للسابق ، بل صورة بقاء له ، وكيفية وجود لما حدث أوّلاً.
وعلى ذلك فالقدرة وإن كانت كيفية نفسانية قائمة بالنفس ، لكن تغيّرها وتبدّلها وحركتها وتكاملها ، لا يوجب أن يكون الموجود منها في الآن الثاني مغايراً من جميع الجهات للموجود في الآن الأوّل. بل التغيّر والتبدّل والحركة والتكامل تتحقّق مع حفظ الوحدة الشخصية بين ما دثر وما بقي.
وإن شئت فلاحظ وجود الحركة في المقولات العرضية ، فإنّ في حركة التفاحة في كيفها وكمّها لوناً سيّالاً بعرضها العريض ، وكمّاًسيّالاً كذلك ، فمجموع ما يتوارد عليها من الألوان والكمّيات شيء واحد سيّال متفاوت الدرجات ، باق في عين التغيّر ومحفوظ في عين التبدّل.
٢ ـ إنّ الفعل حال عدمه ممتنع لاستحالة اجتماع الوجود والعدم ، ولا