٢ ـ الآيات الصريحة في أنّه سبحانه لا يكلّف الإنسان إلاّ بمقدار قدرته وطاقته ، قال سبحانه : (لا يُكَلّفُ الله نَفساً إِلاّ وُسْعَها). (١) وقال تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلاّم لِلْعَبيدِ). (٢) وقال عزّ من قائل : (ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحدا). (٣)
والظلم هو الإضرار بغير المستحق ، وأيّ إضرار أعظم من هذا ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
ومع هذه البراهين المشرقة سلك الأشعري غير هذا الصراط السوي ، وجوز التكليف بمالا يطاق ، واستدلّ عليه بالآيات التالية :
١ ـ (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزينَ فِي الأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَولياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٤) وقد أُمروا أن يسمعوا الحقّ وكلّفوه ، فدلّ ذلك على جواز تكليف مالا يطاق ، وأنّ من لم يقبل الحقّ ولم يسمعه على طريق القبول لم يكن مستطيعاً.
٢ ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَها عَلى المَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسماءِ هؤلاءِإِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ )(٥) قال : الآية تدل على جواز تكليف ما لا يطاق ، فقد أُمروا بإعلام وهم لا يعلمون ذلك ولا يقدرون عليه.
٣ ـ(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساق وَيُدْعَونَ إِلى السُّجُود فَلا يَسْتَطيعُونَ* خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَونَ إِلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) (٦) قال : فإذا جاز تكليفه إيّاهم في الآخرة مالا يطيقون ، جاز ذلك في الدنيا.
ــــــــــــــــــ
١ ـ البقرة : ٢٨٦.
٢ ـ فصلت : ٤٦.
٣ ـ الكهف : ٤٩.
٤ ـ هود : ٢٠.
٥ ـ البقرة : ٣١.
٦ ـ القلم : ٤٢ ـ ٤٣.