٤ ـ (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَو حَرَصْتُمْ فَلا تَميلُوا كُلَّ الْمَيلِ فَتَذرُوها كالمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللّهَ كانَ غَفُوراً رَحيماً ). (١) قال : وقد أمر اللّه تعالى بالعدل ، ومع ذلك أخبر عن عدم الاستطاعة على أن يعدل. (٢)
يلاحظ عليه :
أمّا الآية الأُولى : فيظهر ضعف الاستدلال بها بتفسير مجموع جملها :
أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزينَ فِي الأَرْضِ : إنّهم لم يكونوا معجزين لله سبحانه في حياتهم الأرضية وإن خرجوا عن زي العبودية وافتروا على الله الكذب ، ولكن ماغلبت قدرتهم قدرة الله. وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَولياءَ : إنّهم وإن اتّخذوا أصنامهم أولياء ولكنّها ليست أولياء حقيقة ، وليس لهم من دون الله تعالى. يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ : يجازون بما أتوا به من الغي والظلم والأعمال السيّئة ». ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ هذه الجملة في مقام التعليل يريد أنّهم لم يكفروا ولم يعصوا أمر الله ، لأجل غلبة إرادتهم على إرادة الله ، ولا لأنّ لهم أولياء من دون الله ، بل لأنّهم ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا ما يأتيهم من إنذار وتبشير ، أو يذكر لهم من البعث والزجر من قبله سبحانه ، وما كانوا يبصرون آياته ، حتى يؤمنوا بها ، ولكن كلّ ذلك لا لأجل أنّهم كانوا غير مستطيعين أن يسمعوا ويبصروا من بداية الأمر ، بل لأنّهم أنفسهم سلبوا هذه النعم بالذنوب فصارت وسيلة لكونهم ذوي قلوب لا يفقهون بها ، وذوي أعين لا يبصرون بها ، وذوي آذان لا يسمعون بها ، فصاروا كالأنعام بل أضلّ منها. (٣)
ــــــــــــــــــ
١ ـ النساء : ١٢٩.
٢ ـ لاحظ اللمع : ٩٩ ، ١١٣ ، ١١٤.
٣ ـ اقتباس من قوله سبحانه : ( لهم قلوب لا يفقهون بها... ) الأعراف : ١٧٩.