محدث ، ولو كان مرئياً لذلك للزم أن يرى كلّ محدث ، وذلك باطل ».
٢ ـ « ليس في إثبات الرؤية لله تعالى تشبيه ». (١)
يلاحظ على الفقرة الأُولى : أنّ الملازمة ممنوعة ، إذ لقائل أن يقول : إنّ الحدوث ليس شرطاً كافياً في الرؤية حتى يلزم رؤية كلّ محدث ، بل هو شرط لازم يتوقف على انضمام سائر الشروط ، وبما أنّ بعضها غير متوفّر في المجردات المحدثات ، لا تقع عليه الرؤية.
ويلاحظ على الفقرة الثانية : أنّه اكتفى بمجرّد ذكر الدعوى ، ولم يعززها بالدليل ، مع أنّ مشكلة البحث هي التشبيه الذي أشار إليه ، فإنّ حقيقة الرؤية قائمة بالمقابلة ولو بالمعنى الوسيع ، ولولاها لا تتحقّق ، والمقابلة لا تنفك عن كون المرئي في جهة ومكان ، وهذا يستلزم كونه سبحانه ذا جهة ومكان ، وهو نفس التشبيه والتجسيم. وكيف يقول إنّ تجويز الرؤية لا يستلزم التشبيه؟! « ما هكذا تورد يا سعد الإبل »!
وهناك إشكال آخر التفت إليه الشيخ ، فعرضه وأجاب عنه ، ونحن نعرض الإشكال والجواب بنصّهما ، قال :
فإن عارضونا بأنّ اللمس والذوق والشم ، ليس فيه إثبات الحدث ، ولا حدوث معنى في الباري تعالى ، قيل لهم : قد قال بعض أصحابنا إنّ اللمس ضرب من ضروب المماسات ، وكذلك الذوق وهو اتصال اللسان واللهوات بالجسم الذي له الطعم ، وإنّ الشمّ هو اتصال الخيشوم بالمشموم الذي يكون عنده الإدراك له ، وإنّ المتماسين إنّما يتماسان بحدوث مماسين فيهما ، وإنّ في إثبات ذلك إثبات حدوث معنى في الباري.
يلاحظ عليه : أنّ التفريق بين الأبصار وسائر الإدراكات الحسية تفريق بلا جهة ، وما ذكره من أنّ المتماسّين إنّما يتماسّان بحدوث مماسّين فيهما... مجمل جداً ، وذلك لأنّه إن أراد أنّ اللمس يوجب حدوث نفس المماسين وذاتهما فهو ممنوع ، لأنّ ذاتهما كانتا موجودتين قبل تحقّق اللمس ، وإن أراد حدوث
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٦١ ـ ٦٢.