وصف مادي ورابطة جسمانية ، وهي التي عبر عنها بقوله : « إنّ اللمس ضرب من ضروب المماسات » فتلك الحالة أيضاً حادثة عند الإبصار ، غاية الأمر أنّ اللمس ضرب من ضروب المماسات ، والإبصار ضرب من ضروب المقابلات ، وبإعمال كلّ واحد من الحواس تتحقّق إضافة بين الحاسة والمحسوس ، وفي ظلها يتحقّق الإبصار واللمس والشمّ والذوق.
وأضف إلى ذلك ما نقله عن بعض أصحابه في نقد السؤال الماضي وحاصله :
إنّ لمسنا أو ذوقنا أو شمنا إياه سبحانه ، يتصور على صورتين :
١ ـ أن يحدث الله تعالى للذائق أو الشام أو اللامس إدراكاً من غير أن يحدث في الباري تعالى معنى.
٢ ـ تلك الصورة لكن يحدث فيه سبحانه معنى ، فالثاني غير جائز ، والأوّل جائز ، ولكن الأمر في التسمية إلى الله ، إن أمرنا أن نسمّيه لمساً وذوقاً وشماً سمّيناه ، وإن منعنا امتنعنا. (١)
يلاحظ عليه :
أوّلاً : أنّ معنى ذلك أن يكون سبحانه مشموماً ملموساً ، مذوقاً ، إذا لم يحدث فيه معنى بشمنا ، وذوقنا ، ولمسنا ، وهذا في نهاية الضعف لا تجترئ عليه المجسّمة ، فكيف بالمنزّهة؟!
وثانياً : أنّ إيجاده سبحانه في جوارحنا إدراكاً ، حتى يتحقّق في ظله لمسه وذوقه ، وشمّه ، بلا حدوث معنى فيه ، أشبه بترسيم الأسد على عضد البطل ، من غير رأس ولا ذنب ، لأنّ واقعية أعمال هذه الحواس لا تنفك عن تحقّق إضافة ورابطة بينها وبين المحسوس من غير فرق بين الإبصار وغيره ، وهذه الإضافة إضافة مقولية قائمة بالطرفين. وقد التزم المجيب بامتناع هذا القسم ، وإنّما سوغ قسماً آخر ، غير معقول ولا متصوّر.
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٦٢.