٢ ـ وقال الفضل في نهج الحق : إنّ الكلام عندهم لفظ مشترك يطلقونه على المؤلف من الحروف المسموعة ، وتارة يطلقونه على المعنى القائم بالنفس الذي يعبّر عنه بالألفاظ ، ويقولون هو الكلام حقيقة ، وهو قديم قائم بذاته ، ولابدّ من إثبات هذا الكلام ، فإنّ العرف لا يفهمون من الكلام إلاّ المؤلّف من الحروف والأصوات فنقول :
ليرجع الشخص إلى نفسه أنّه إذا أراد التكلّم بالكلام فهل يفهم من ذاته أنّه يزور ويرتب معاني فيعزم على التكلّم بها ، كما أنّ من أراد الدخول على السلطان أو العالم فإنّه يرتب في نفسه معاني وأشياء ويقول في نفسه سأتكلم بهذا. فالمنصف يجد من نفسه هذا ألبتة. فهذا هو الكلام النفسي. ثمّ نقول ـ على طريقة الدليل ـ إنّ الألفاظ التي نتكلّم بها مدلولات قائمة بالنفس ، فنقول لهذه المدلولات : هي الكلام النفسي. (١)
حصيلة البحث
دلّت النصوص المذكورة عن أقطاب الأشاعرة على أنّ في مورد كل كلام صادر من أيّ متكلم ـ خالقاً كان أو مخلوقاً ـ وراء العلم في الجمل الخبرية ، ووراء الإرادة والكراهة في الجمل الإنشائية ، معاني قائمة بنفس المتكلّم ، وهو الكلام النفسي ، يتبع حدوثه وقدمه ، حدوث المتكلّم وقدمه.
وما ذكروا في توضيحه حقّ لا ينكره أحد ، إنّما الكلام في إثبات مغايرته للعلم في الجمل الخبرية ، وللإرادة في الجمل الإنشائية ، وهو غير ثابت ، بل الثابت خلافه ، وإنّ المعاني التي تدور في خلد المتكلّم ليست إلاّ تصور المعاني المفردة أو المركبة أو الإذعان بالنسبة ، فيرجع
ــــــــــــــــــ
١ ـ نهج الحق المطبوع ضمن دلائل الصدق : ١/١٤٦ ، ط النجف.