١ ـ وجوب المعرفة
اتّفق المتكلّمون ـ ما عدا الأشاعرة ـ على لزوم معرفة الله سبحانه لزوماً عقلياً ، بمعنى أنّ العقل يحكم بحسن المعرفة وقبح تركها ، لما في المعرفة من أداء شكر المنعم ، وهو حسن. وفي تركها الوقوع في الضرر المحتمل. هذا إذا قلنا باستقلال العقل في ذلك المجال ، ولولاه لما ثبت وجوب المعرفة لا عقلاً ـ لأنّه حسب الفرض معزول عن الحكم ـ ولا شرعاً ، لأنّه لم يثبت الشرع بعد.
٢ ـ لزوم النظر في برهان النبوة
لا شكّ أنّ الأنبياء الحقيقيين بعثوا بمعاجز وبيّنات ، فإذا ادّعى أحدهم السفارة من الله إلى الناس ، فهل يجب على الناس النظر في دعواه وبرهانه؟ فعلى استقلال العقل في مجال التحسين والتقبيح يجب النظر والإصغاء دفعاً للضرر المحتمل. وأمّا على القول بعدمه فلا يجب ذلك لا عقلاً ولا شرعاً ، كما عرفت في سابقه. ونتيجة ذلك إنّ التارك للنظر معذور ، لأنّه لم يطّلع على حقيقة الأمر.
٣ ـ العلم بصدق دعوى النبوة
إذا اقترنت دعوة المتنبي بالمعاجز والبيّنات الواضحة ، فلو قلنا باستقلال العقل في مجال الحسن والقبح ، حكمنا بصدقه ، لقبح إعطاء البيّنات للمدّعي الكذّاب ، لما فيه من إضلال الناس. وأمّا إذا عزلنا العقل عن الحكم في المقام ، فلا دليل على كونه نبيّاً صادقاً ، والشرع بعد لم يثبت حتى يحكم بصدقه.
٤ ـ قبح العقاب بلا بيان
اتّفق الأُصوليون على قبح العقاب بلا بيان ، وعليه بنوا أصالة البراءة في الشبهات غير المقترنة بالعلم الإجمالي. وهذا يتم بالقول بالتحسين والتقبيح العقليين. نعم هذا إنّما يفيد إذا لم تثبت البراءة من الشرع ، بواسطة الكتاب والسنّة ، والمفروض أنّ البحث فيها بعد ثبوت الشرع.