والجر عطفاً على الظاهر. وهذا مذهب مشهور للنحاة.
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أنّه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله تعالى : وأرجلكمهو قوله : وامسحوا ويجوز أن يكون هو قوله : واغسلوالكن العاملين إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى ، فجب أن يكون عامل النصب في قوله : وَأرجلكم هو قوله وامسحوا ، فثبت أنّ قراءة وأرجلكم بنصب اللام توجب المسح أيضاً ، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح ، ثمّ قالوا : ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنّها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز. (١)
وصية الرازي عند الموت
لمّا مرض الرازي وأيقن أنّه ملاق ربّه ، أملى على تلميذه إبراهيم بن أبي بكر الإصفهاني وصية في الحادي والعشرين من محرم سنة ٦٠٦ ـوممّا جاء في تلك الوصية : يقول العبد الراجي رحمة ربه الواثق بكرم مولاه ، محمد بن عمر بن الحسين الرازي وهو في آخر عهده بالدنيا وأوّل عهده بالآخرة....
فاعلموا أنّي كنت رجلاً محباً للعلم ، فكنت أكتب في كلّ شيء شيئاً لا أقف على كميته وكيفيته ، سواء أكان حقّاً أم باطلاً أم غثّاً أم سميناً...
وأمّا الكتب العلمية التي صنفتها أو استكثرت من إيراد السؤالات على المتقدّمين فيها ، فمن نظر في شيء منها ، فإن طابت له تلك السؤالات فليذكرني في صالح دعائه على سبيل التفضيل والإنعام ، وإلاّ فليحذف القول السيّء فإنّي ما أردت إلاّ تكثير البحث ، وتشحيذ الخاطر والاعتماد في الكلّ على الله تعالى. (٢)
وغير خفي على من سبر كتب الرازي في الكلام والفلسفة والتفسير وغيرها ، أنّه يشكك في كثير من المسائل المسلّمة ، وربما يبالغ بأنّه لو اجتمع الثقلان على الإجابة عن هذا الإشكال لما قدروا. (٣) ولعل هذه الندامة الظاهرة
ــــــــــــــــــ
١ ـ مفاتيح الغيب : ٣/٣٨٠ ـ ٣٨١ ، طبع مصر.
٢ ـ دائرة المعارف ، القرن الرابع عشر ، فريد وجدي : ٤/١٤٨ ـ ١٤٩.
٣ ـ شرح المواقف : ٨/١٥٥.