عليه شيء من ذلك ، وأنّ من جاز عليه الأُفول والانتقال من مكان إلى مكان فليس بإله.
وأمّا الكلام في أُصول التوحيد فمأخوذ أيضاً من الكتاب ، قال الله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتا ) (١) ، وهذا الكلام موجز منبه على الحجة بأنّه واحد لا شريك له ، وكلام المتكلّمين في الحجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنّما مرجعه إلى هذه الآية ، وقوله عزّوجلّ : (مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَد وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِله إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِله بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعَضُهُمْ عَلى بَعْض ) (٢) إلى قوله عزّوجلّ : (أَمْ جَعَلُوا للّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ ) (٣).
وكلام المتكلّمين في الحجاج في توحيد الله إنّما مرجعه إلى هذه الآيات التي ذكرناها ، وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل إنّما هو مأخوذ من القرآن ، فكذلك الكلام في جواز البعث واستحالته الذي قد اختلف عقلاء العرب ومن قبلهم من غيرهم فيه حتى تعجبوا من جواز ذلك فقالوا : (أَ إِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعيدٌ ) (٤) وقولهم : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ ) (٥) ، وقولهم : (مَنْ يُحيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ ) (٦) وقوله تعالى : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ) (٧) ، وفي نحو هذاالكلام منهم إنّما وردبالحجاج في جواز البعث بعد الموت في القرآن تأكيداً لجواز ذلك في العقول ، وعلم نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولقّنه الحجاج عليهم في إنكارهم البعث من وجهين على طائفتين : منه طائفة أقرّت بالخلق الأوّل وأنكرت الثاني ، وطائفة جحدت ذلك بقدم العالم فاحتج على المقِر منها بالخلق
ــــــــــــــــــ
١ ـ الأنبياء : ٢٢.
٢ ـ المؤمنون : ٩١.
٣ ـ الرعد : ١٦.
٤ ـ ق : ٣.
٥ ـ المؤمنون : ٣٦.
٦ ـ يس : ٧٨.
٧ ـ المؤمنون : ٣٥.