للتنزيل ومن الاصول المحرزة لكن الوجه فى التقديم هو تقدم مرتبه احدهما على مرتبه الآخر فظهر مما ذكرناه تقديم الاستصحاب على البراءة والحل كتقدم قاعده التجاوز والفراغ والصحة على الاستصحاب.
ثم ان للشيخ (قدسسره) فى تقديم الاستصحاب على أصالة البراءة اذا كان مدركها قوله ((كل شيء مطلق حتى يرد فيه النهى)) كلام لا يخلو عن خلل ناش عن الخلط بين المعنيين المستفادين من الحديث من لفظه ((شيء)) وتوضيحه ان الحديث الشريف يحتمل معنيين :
احدهما : ان يكون المراد من الشيء بعناوينها الأولية بعنوان كونها مشكوك الحكم من المطلق هو الترخيص الواقع ومن ورود النهى هو النهى الصادر عن الله تعالى النازل به الجبرئيل فعلى هذا المعنى يدل على الإباحة الواقعية للأشياء قبل ورود النهى فيها فيكون من الأدلّة الاجتهادية نظير قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ).
وثانيهما : ان يكون المراد من الشيء هو الشى المشكوك ومن المطلق هو الترخيص الظاهرى ومن ورود النهى هو ثبوته بالفحص فيكون دليلا على الإباحة الظاهرية فعلى المعنى الاول يكون حاكما على الاستصحاب لحكومة كل أمارة على الاصل وعلى الثانى يكون الاستصحاب حاكما عليه وهو (قدسسره) قد خلط بين المعنيين حيث قال فى تضعيف الدعوى الاول لثانيه التى ذكرها فى ورود الاستصحاب على البراءة بما حاصله ان معنى الغاية فى كل شيء مطلق ورود النهى عن الشيء بعنوانه الخاص ونهى الاستصحاب نهيا عنه بعنوان كونه مشكوك الحكم فورود النهى فى نفى الإباحة الى آخره ...