وبما ذكرنا يندفع ما يقال : من ان الشك فى المقتضى والرافع فى الموضوعات الخارجية مما لنا طريق على اثباته ، او مقدار استعداد الحكم فى عمود الزمان مما يمكن العلم به غالبا واما فى الاحكام فمن اين يمكن معرفة مقدار بقاء استعداده حتى يقال : ان هذا من الشك فى المقتضى او الرافع.
وجه الدفع هو ان الاحكام الشرعية مما يمكن معرفة استعداده فى عمود الزمان اذ الحكم اما ان يكون مغيّا بغاية ، واما لا يكون ، وما لم يكن مغيا بغاية فاما يعلم انه اخذ مرسلا بحسب عموم الزمان ولو بمعونة مقدمات الحكمة ، واما ان لا يكون كذلك ، فان كان مرسلا بحسب عموم الزمان فالشك فيه دائما يكون من الشك فى الرافع ، وان لم يكن مرسلا فالشك فيه يكون من الشك فى المقتضى ، وان كان مغيا بغاية ففيه التفصيل المتقدم.
اذا عرفت ما تلوناه من الانقسامات للاستصحاب باعتبار الثلاث فاعلم : ان الاقوى اعتبار الاستصحاب بالنسبة الى الانقسامات اللاحقة له باعتبار المستصحب ، وباعتبار الدليل المثبت له مطلقا فى جميع الأقسام. واما الانقسامات اللاحقة باعتبار الشك فالاقوى اعتباره ايضا بالنسبة الى ما كان منه من الشك فى الرافع وما يلحقه من الشك فى الغاية وعدم اعتباره فيما اذا كان الشك فى المقتضى ، وما يلحقه من الشك فى الغاية.
ويتضح ذلك بذكر الادلة التى اقاموها على الاستصحاب :
فمنها دعوى بناء العقلاء على العمل بالحالة السابقة. وهذه الدعوى فى الجملة مما لا سبيل الى انكاره ، بداهة انه قد استقرت الطريقة العقلائية على الاخذ بالحالة السابقة ، وعدم الاعتناء بالشك اللاحق ، واخذهم بالحالة السابقة من جهة حصول الاطمينان ببقائها ، لا من جهة الاحتمال