اما المقام الثانى فيما اذا كان شكان كلاهما سببان عن منشأ ثالث وقد عرفت انه على قسمين حيث ان التنافى بين الاصلين اما يكون ناشئا من العلم الاجمالى واما يكون العلم الاجمالى ناشئا من تنافيه فالكلام فى القسم الاول فنقول : ان المختار عند الشيخ هو عدم الجريان مطلقا سواء كان الاصلان نافيين للتكليف كما اذا علم اجمالا نجاسة احد الكاسين المعلوم طهارتهما سابقا او كانا مشتبهين كما اذا علم اجمالا بطهارة احد الكاسين المعلوم بنجاستها سابقا.
والمختار بين المتأخرين عنه من مثبته وعدمه هو التفصيل بين الاصل المثبت وبين النافى فقالوا فيه بعدم الجريان وقد كان العلامة الشيرازى قد توافق معهم فى رتبة من الزمان لكنه اختار المنع واستدل الشيخ بمختاره فى الكتاب بكون الغاية فى دليل الاستصحاب اعنى قوله بل ينقضه بيقين آخر صادق فى مورد العلم الاجمالى وذلك بعد البناء على كون اليقين المأخوذ فيه هو الاعم من التفصيلى فليس نقض اليقين بالشك لو رفع اليد عن الطهارة المعلومة سابقا فى الإناءين فى المقام بل هو نقض اليقين باليقين.
وظاهر عبارته (قدسسره) يوهم ان المانع عن جريان الاصلين فى المقامين انما هو قصور الدليل لشموله لهما فى مقام الاثبات وبعبارة اخرى عدم النقض للشمول مع امكان اجزائها فى مقام الثبوت فاورد عليه الآخرون بالمنع عن عدم الشمول وذلك لان اليقين المأخوذ فى قوله «لا تنقض اليقين بل انقضه بيقين آخر مثله» بقرينة الضمير المذكور قوله بل ينقضه الراجع الى اليقين السابق انما هو اليقين المتعلق بما تعلق به اليقين السابق ومن