ولو كان محمّد صلّى الله عليه وسلّم قد بعث في زمان آدم إلى زمان وجوده الآن ، لكانت الأنبياء وجميع الناس تحت حكم شريعته إلى يوم القيامة ، ولهذا لم يبعث عامة إلاّ هو خاصة ، فهو الملك والسيد ... فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة فيما يظهرون به من الشرائع والعلوم في زمان وجودهم رسلا وتشريعهم الشرائع ، كعلي ومعاذ وغيرهما في زمان وجودهم ووجوده صلّى الله عليه وسلّم ، وكإلياس والخضر عليهماالسلام وعيسى عليهالسلام في زمان ظهوره في آخر الزمان حاكما بشرع محمّد صلّى الله عليه وسلّم في أمته ... فخرج من هذا المجموع كله : أنه ملك وسيد على جميع بني آدم ، وأن جميع من تقدّمه كان ملكا وله تبعا والحاكمون فيه نواب عنه.
فإن قيل : فقوله صلّى الله عليه وسلّم : لا تفضّلوني!
فالجواب : نحن ما فضلنا بل الله فضله ... » (١).
أقول : وكلّ هذه المقامات الثابتة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثابت لسيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ( لحديث النور ) الدالّ على اتحادهما في الخلق قبل آدم عليهالسلام ، فهو مفضّل على جميع الأنبياء سواه صلىاللهعليهوآلهوسلم ومقدّم عليهم وسيد جميع بين آدم. وإذا ثبتت الأفضلية ثبتت الإمامة والخلافة بلا ريب ، وهو المطلوب.
وقال الشيخ ابن عربي أيضا : « اعلم ان الله لمّا جعل منزل محمّد صلّى الله عليه وسلّم السيادة فكان سيدا ومن سواه سوقة علمنا أنه لا يقاوم ، فإن السوقة لا تقاوم ملوكها ، فله منزل خاص وللسوقة منزل ، ولما أعطي هذه المنزلة وآدم بين الماء والطين علمنا أنه الممد لكل إنسان مبعوث بناموس إلهي أو حكمي ، وأول ما ظهر
__________________
(١) الفتوحات المكية ـ الباب العاشر ـ في معرفة دورة الملك.