النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً ). إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ، فإن من تمسك بنور الله لا يضل أبدا.
وهذه عناية من الله وتوفيق ، يهدي الله بنوره من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس ، فالذين أبعدوا عن هذا النور وضلوا ولعنوا يسعون في إطفاء نور الله ، ويعترضون على فضائلهم ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) ... ولو اجتمع أهل العالم كلهم على إطفاء نور الله هذا لما تمكنوا من ذلك ... فإن نسلهم باق إلى يوم القيامة ، ويجتمع على حبهم المنورون من الناس بنور الايمان ، وأما غيرهم فينكرونهم ...
واعلم أن ذوات هؤلاء مخلوقة من النور ، وقد كان هذا النور يظهر في وجه فاطمة. في آخر الظهيرية : ولها ـ أي لفاطمة ـ كان نور يضيء من وجهها ، حتى روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : أسلك في سم الخياط في الليلة المظلمة من نور وجه فاطمة. وفي الدرر : عاد الحسن والحسين ذات ليلة من عند المصطفى وقد أحاط بهما نورهما. وقد ذكرناه في الجلوة الأولى من الهداية الثامنة ، حتى تعلم أنهم نور الله » (١).
أقول : وفي هذا الكلام من وجوه الدلالة على المطلوب على ضوء حديث النور ما لا يخفى على ذوي البصر والبصيرة ، وقد ظهر منه أن الذين ينكرون حديث النور ودلالته هم من الذين ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ... )
وقال العارف الكبير السيد علي الهمداني بشرح قول ابن الفارض :
لها البدر كاس
وهي شمس تديرها |
|
هلال وكم يبدو
إذا مزجت نجم |
__________________
(١) هداية السعداء ـ مخطوط.