أصبح الناس وجوها وأسلطهم ألسنة وأفضلهم قولا. فالناس لقريش تبع ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، وأنتم يا معشر الأنصار إخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في دين الله تعالى والتسليم لفضيلة إخوانكم من المهاجرين وأحق الناس ان لا تحسدوهم على خير آتاهم الله إياه ، وأنا أدعوكم إلى أحد رجلين ـ ثم ذكر معنى ما قبله في حديث ابن عباس ... » (١).
وفي رواية محمّد بن جرير الطبري : « فخص الله المهاجرين الأولين من قومه : بتصديقه والايمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم ولدينهم ، وكل الناس لهم مخالف زار عليهم ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم واجماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن به وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم في ذلك إلاّ ظالم ... » (٢).
وعند ابن خلدون : « نحن أولياء النبي وعشيرته وأحق الناس بأمره ولا ننازع في ذلك ... » (٣).
وهذا الكلام من أقوى الأدلة على خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام بلا فصل ، لأن جميع هذه الصفات التي ذكرها أبو بكر واستند إليها واعترف بها الأنصار فخصموا بها ، متوفرة في علي بأتم معانيها وأعلى درجاتها ، فهو الواجد لها دون أبي بكر وغيره من المهاجرين ، فهو الامام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا سواه.
__________________
(١) الرياض النضرة ١ / ٢١٣.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٣) تاريخ ابن خلدون ٢ / ٨٥٤.