والتّقرير ونحوها ، مع عدم انسلاخها عن معناها الحقيقي في غير مقام الاستفهام الحقيقي ، فكذلك همزة الاستفهام في اللغة العربيّة ، فلا وجه لما التزم به من انسلاخ هذه الصّيغ عما هي عليها واستعمالها في غير معانيها إذا وقعت في كلامه تبارك وتعالى لاستحالة حقائق معانيها ، لاستلزامها الجهل أو العجز في حقّه تعالى ، وذلك لإن الإنشاء ما لا واقع له سوى ما يوجد بنفس المتكلّم بصيغته ، ولذا لا يقبل الصّدق والكذب ، بخلاف الأخبار حيث أن له واقعا يطابقه أو لا يطابقه ، فليصنع الإنشائيّة مطلقا إنّما تستعمل ويقصد بها إنشاء معانيها في الخارج من الطّلب أو التّمني أو التّرجي أو الاستفهام أو غيرها ، ومن الواضح أن المعنى المنشأ بها وهو الطّلب أو التّمني أو التّرجي أو الاستفهام الإنشائي الإيقاعي غير قابل لتخلفه عنها ، غاية الامر أن المتكلّم بها إذا كان مختارا فلا بدّ في صدوره عنه من وجود ما يدعوه عليه أما من ثبوت هذا الصّفات حقيقة أو غيرها من دواع آخر في نفسه ، واستحالة وقوع حقائق التّمني والتّرجي والاستفهام في حقّه تعالى لا يقتضي أن لا ينشأ بصيغها غير معانيها الإنشائية الايقاعيّة إذا وقعت في كلامه تعالى ، فهي فيه أيضا مستعملة في معانيها لكن لا بداعي ثبوت حقائقها ولإظهارها بل لدواع أخر كإظهار المحبّة عند استعمال كلمة لعل كما في قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) والتّقرير أو الإنكار أو التّوبيخ أو غيرها ممّا يقتضيه المقام عند استعمال أداة الاستفهام.
وممّا ذكرنا انقدح : أن عدّ التّقرير والتّوبيخ والإنكار ونحوها من معاني همزة الاستفهام ليس على ما ينبغي ، وبالجملة هذه الصّيغ مستعملة في معانيها وإن كان الدّاعي عليها غير ثبوت حقائقها قصارى ما يمكن أن يدعى ظهورها وصفا أو