عدم قصد القربة ، فلو أتى به بدونه أجزأ بمعنى أنه أسقط العقاب ولو أتى به بقصد القربة فمع أنّه يدفع العقاب يوجب استحقاق الثّواب أيضا.
المقام الثّالث : قد عرفت أن التّمسك بأصالة الإطلاق لا يصحّ إلّا في نفي اعتبار القيد الذي يمكن أخذه في المطلق أعني ما تعلق به الأمر ، فإذا شكّ في اعتبار قصد القربة فيه وعدمه فلا يمكن نفي اعتباره بإطلاقه إلّا بعد إحراز كونه قابلا للتّقييد به كما أن الأمر كذلك في سائر موارد الشّك في التّقييد ، فلا بدّ في المقام من معرفة معنى قصد القربة وأنّه ما هو ، ثمّ ملاحظة أنه هل يعقل ويمكن أخذه في متعلق الأمر وتقييده به أم لا؟ فنقول : أنّه لا يخلو من أحد أمرين.
أحدهما : أن يكون عبارة عن الإتيان بالمأمور به بداع قربى ، أعني بداعي رجحانه شرعا أو كونه ذا مصلحة أو محبوبا له تبارك وتعالى وإن لم يكن بمطلوب منه عقلا كما في فعل غير الأهم من الواجبين المتزاحمين ، فإنه لأجل ابتلائه بمزاحمه الأهم لا يكون بمطلوب فعلا قطعا إلّا أن هذه المزاحمة لا توجب خروجه عن كونه ذا مصلحة ومحبوبا لله تعالى ، فملاك الطّلب فيه موجود وهو كاف في صحّة العبادة لو أتى بها لأجله وبداعيه ، ولذا نقول بصحته بناء به على ما هو الأقوى في كفاية الإتيان بالعبادة بأي داع من الدّواعي القربيّة المتقدمة إذ لا دليل على اعتبار أمر زائد عنها ولذا أيضا يحكم بصحة المستحبات من العبادات مع أنها غالبا إلّا ما شذ مزاحمة بالواجبات ، ولو لم يكلّف الإتيان بالعبادة بداعي رجحانها أو كونها محبوبة ذا مصلحة وإن لم تكن مطلوبة فعلا لم يكن وجه لحكم بصحّة المستحبات غالبا للإبتلاء بها بمزاحمة الواجبات ، وكيف كان إن كان قصد القربة المعتبر في العبادات بهذا المعنى أمكن أخذه واعتباره في متعلق الأمر شرعا شرطا أو شطرا ، لأنّه